ترخي الانتخابات الأمريكية رقم ستين، التي ستحسمها صناديق الإقتراع غدا الثلاثاء، لاختيار رئيس أو رئيسة أمريكا، بظلالها على العلاقات المغربية الامريكية، بالأخص ملف قضية الصحراء المغربية، ولكن ليس بالأهمية نفسها، التي توليها أمريكا لمنطقة الشرق الأوسط، في ظل الحرب على فلسطين وعلى لبنان. وتفاعلا مع موضوع الانعكاسات المتوقعة، للانتخابات الأمريكية التي يقودها دونالد ترامب عن الحزب الجمهوري، وكمالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي، على العلاقات المغربية الأمريكية، في جانب قضيته الترابية المتعلقة بالصحراء المغربية، قال سعيد الصديقي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة، سيدي محمد بن عبد الله بفاس، إن الموقف الأمريكي سيستمر على الوضع الحالي دون تقدم أو تراجع. مضيفا أنه يمكن أن نشهد زيارات مسؤولين أمريكيين إلى المناطق الجنوبية، وقد تكون هناك مبادرة معينة، لاسيما على المستوى المدني والعلاقات العامة، لكنها ستظل في الحد الأدني، وهذا في حد ذاته إنجاز، لأن المطلوب هو الاعتراف الصريح بالسيادة المغربية على أقاليمه الصحراوية، وهذا ما تحقق. وحول خطوة فتح القنصلية الأمريكية في الجنوب، قال الصديقي الذي خص موقع القناة الثانية بهذا الحديث، إن هذا القرار تفعيله من عدمه، لن يعد إنجازا مهما، ما لم تكن هناك إجراءات أخرى مصاحبة، لاسيما تدفق استثمارات أمريكية كبيرة إلى الأقاليم الصحراوية. ومثل هذا القرار قد يحتاج إلى موافقة الكونغريس، ومن الراجح ألا يرى المشرعون الأمريكيون أي فائدة في فتح قنصلية أمريكية في الأقاليم الجنوبية في هذا الوقت. لكن بالنظر إلى شخصية المرشحين، يبدو أن فتح القنصلية قد يكون سهلا في ظل حكم دونالد ترامب، الذي يمكنه تجاوز بعض قواعد السياسة الخارجية الأمريكية، لكن لن يقوم ترامب بذلك دون ثمن سياسي من المغرب. أما كمالا هاريس، فبالنظر إلى التوجه العام للحزب الديموقراطي حاليا، وتصورات هذه المرشحة، فالراجح أنها ستتردد من اتخاذ قرار فتح القنصلية. وعلاقة بموضوع العدوان الإسرائيلي على غزة وعلى لبنان، فيرى الصديقي أن الإدارة القادمة، قد تضغط على جميع الأطراف وحلفائها والوسطاء لإيقاف الحرب، لكن على حساب من؟ هذا هو السؤال. فيبدو أن ترامب سيسعى إلى تعزيز موقع إسرائيل في الشرق الأوسط، وسيقدم لها دعما سخيا سياسيا وعسكريا، وقد يفرض أمرا واقعا في غزة والضفة وجنوب لبنان، بسبب تناغمه الكبير مع مطالب اللوبي الإسرائيلي في أمريكا. وأما إذا نجحت كمالا هاريس فإنها يتوقع أن تمارس بعض الضغوط على إسرائيل لوقف إطلاق النار، وقد يقترح فريقها خطة طريق لتحقق السلام في الشرق الأوسط، وقد تطرح من جديد خيار الدولتين.، لكن سيظل نتنياهو العقبة أمام مبادراتها، بغض النظر عن مدى احتمال نجاحها. هناك احتمال أن يؤدي نجاح هاريس إلى إضعاف نتنياهو وحلفائه داخليا وصعود المعارضة من جديد، لكن هذا لا يعني ضمان حقوق الفلسطينيين، بل ستدخل المنطقة في دوامة جديدة من إدارة الأمر الواقع. ومن المنتظر، أن تؤثر نتائج الانتخابات الرئاسية بأمريكا، على سياستها الخارجية، لاسيما ما يرتبط بالمصالح الحيوية لأمريكا، التي اعتبرها أستاذ العلاقات الدولية، أنها تعلو على خلافات الحزبين. فمثلا رغم توعد جون بايدن في حملته الانتخابية بتغيير سياسة أمريكا تجاه بعض حلفائها مثل السعودية ومصر وتركيا، لكن في الأخير سار تقريبا على نهج سلفه، وكان الأمر أكثر وضوحا في علاقة أمريكا بإسرائيل حيث دعمت إدارة بايدن اتفاقات أبراهام التي بدأها ترامب، وقدمت دعما لا نظير له لإسرائيل في عدوانها على غزة بكل الوسائل العسكرية والمالية والسياسية، إلى حد الضغط على المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية.مع أن ما يهم الولايات المتحدة في سياستها الخارجية، -يقول الصديقي- هو مصالحها الوطنية بالدرجة الأولى، إلا أن هناك استثناء لهذه القاعدة فيما يتعلق بالشرق الأوسط. وقد تأكد ذلك مرة أخرى مؤخرا من خلال عدم قدرة الولايات المتحدة على مقاومة ضغوط وتأثير اللوبي الإسرائيلي، الذي يؤثر على الحزبين معا لخدمة مصالح إسرائيل بالدرجة الأولى، وليس مصالح أمريكا. هناك بعض الخلاف بين الحزبين في السياق الحالي، وهو أن الحزب الجمهوري يكاد يكون حزب شخص واحد، أي حزب ترامب، الذي يكاد يتماهى مع توجهات اللوبي الإسرائيلي تجاه الشرق الأوسط، مقابل تنامي توجهات مقاومة لهذا التأثير في الحزب الديموقراطي لاسيما في أوساط الشباب، لكن لم يؤثر ذلك على مواقف الحزب. لذلك يمكن القول عموما إن مفتاح السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط هو اللوبي الإسرائيلي.
مشاركة :