كل إنسان يولد ولديه قدرات، وملكات، ومواهب، وطاقات تميّزه عن غيره، وعلماء التربية، والمتخصصون في التعليم يؤمنون بأن هذا الإنسان إن أحسنّا تربيته وتعليمه، والاهتمام بقدراته سنصل -بإذن الله- إلى الغاية والهدف من عمليات التعلّم. العقل هو آلة التفكير إن استعملناه أو أهملناه، فوظيفته التفكير. إن مهمة البيئة الموجهة نحو هدف إدارة العقل وتدوير عملياته وتفعيلها هو إعمال هذا العقل؛ ممّا يتطلّب تحديد مواد إعماله وتشغيله، وطالما أنه آلة فهو يحتاج إلى وقود. هذا الوقود هو الخبرات التي يتفاعل معها الفرد، فتتطوّر عملياته وسرعته وتنظيمه، ومواقف ومشكلات تتطلب حلاً ومعالجة. آلة عقل الفرد تتحدد بخصائصه الشخصية ومكوناته وبرمجياته التي تتفاعل مع البيئة، فيترتب على هذا التفاعل ظهور أفكار، نظريات، مفاهيم، أساليب حل، معالجات ذهنية، أعمال يدوية أو إبداعية. إن مهمة التربية والتعلَّم والنجاح تتطلّب أن يتدرب الفرد على زيادة استثمار طاقاته العقلية وتوظيف كل الظروف المحيطة، والمواد والأدوات من أجل فهم إمكانيات جسمه وعقله وحواسّه، من أجل إعمال الذهن والوصول إلى عادات عقل. نحن بحاجة إلى عادات عقل قابلة للنمو، ونصل بها إلى صورة مهارة آلية بوعي وتحكم وتخطيط وتعديل وتحسين مستمر، فإذا وفّرنا البيئة والتدريب والاستعداد كان موجودًا؛ سيتحقق لنا ما نريد من التعليم. عادة العقل الذهنية هي القدرة على الأداء بأقصى درجة من الإتقان والمهارة. الإتقان أصبح مطلبًا ملحًّا لنصل إلى أعلى درجة من الأداء، بحيث لا يقل عن نسبة 90% من الإتقان أو ما يزيد. في أروقة مدارسنا لم نعد بحاجة إلى طالب يحفظ ويتذكر ويُردِّد معلومات لا يُعْمِل فيها عقله، ولا يُوظِّف مهارات التفكير العليا؛ لأننا في زمن التحدّي والتنافسية العالمية، هذا يتطلب من كل فرد منّا أن يبذل أقصى طاقاته لنصل إلى المتعلم النشط المتفاعل الذي يستثمر هذه القدرات العقلية ليُحلِّق في سماء الإبداع في كافة مجالات العلوم والمعارف. لنتعلم عادات العقل لابد أن تتضح الأهداف والغايات من ممارستها وتعلّمها وصياغة ما نريد تطويره بصورة أدائية وتحديد معايير ومؤشرات النجاح في تحقيق الهدف. العادة تحتاج إلى تدريب وممارسة وتكرار وزيادة ووعي بها وإدخالها في الخبرات والمعرفة وتمثلها في صورة أداء ذهني. عادة العقل تفكير مُنظّم مُرتّب يتضمن آليات وإستراتيجيات مرتبطة بهدف تم التخطيط لتحقيقه بوعي لتقود الذكاء باتجاه معين وتستخدم إمكاناته وقدراته وموجوداته. إن المعرفة القديمة لا تصلح لأن تبقى موردًا للعادة، لذلك هي بحاجة للتطوير والتغيير والشحذ للوصول إلى عادة أكثر دقة ومهارة تسمّى عادة الخبير. بدأت فكرة عادات العقل مع (آرثر كوستا عام 1987) والذي تعاون مع (كاليك) لتطوير أداة العقل لدى العامة واستخدامها لدى الطلاب في التعليم، ويهدف بذلك إلى تطوير أداء المتعلمين ذوي انتباه متعاطفين ومتعاونين ممّا يُمكّنهم أن يعيشوا منتجين في عالم غنيّ بالمعلومات، مليء بالفوضى والتعقيدات. هذه المعلومات العلمية التي استقيتها من مصادر موثوقة في كتاب (30 عادة عقل) للبروفيسور يوسف قطامي، غايتي منها أن أخاطب جيلاً من المعلمين والمعلمات لأنهم هم المعنيون بعقول طلابنا وطالباتنا. فالمعلم الذي يتابع كل جديد في عالم التربية والتعليم؛ ويرصد أفضل الممارسات التربوية والتجارب العالمية وأحدث الإستراتيجيات التي من شأنها الارتقاء بالعملية التعليمية، هذا المعلم هو مطلب هذه المرحلة فنحن أمام تحديات كبرى. المعلم المدرب والمؤهل تأهيلاً معاصرًا مواكبًا لمتطلبات العصر الذي نعيشه، الذي يغار على عقله وعقول طلابه، يُشكِّل بيئة مناسبة لتطوير عادات العقل ويستثمر في إدارة تعلمهم وبيئاتهم. نبض معلم العصر: من أجل ظروف بيئية مواتية تشجع على عادات ذهنية فاعلة نحن بحاجة إلى جو صافٍ دافئ داعمٍ عاطفيًّا للمتعلّم، كل حواسه عاملة طيلة الوقت، قابلة للاستثمار بعيدًا عن أجواء التوتر والقلق في غرفة الصف محققًا للمتعة والسعادة لطلابه، بيئة صفية يمارس فيها المتعلم مهارات التعلم الجماعي التعاوني، محققًا إستراتيجيات تجعل منه متعلِّمًَا نشطًا متفاعلاً مشاركًا دائمًا ليكون حقًّا محور أنشطة التعلّم. سيبقى التعليم هو الأمل في إعداد وتأهيل وتهيئة جيل قادر على المنافسة العالمية بروح خلّاقة وتميّز سعودي. Majdolena90@gmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (65) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :