تداولت وسائل التَّواصل الاجتماعيّ مقطعًا لمعلِّم كبير في قدره، ومكانته، وعمره، بلحيته البيضاء التي تدلُّ على سنوات عمره التي قضاها في تربية الأجيال، في أروقة ميدان الشرف والعزِّ والكرامة والرفعة، بين أبنائه طلاب الصفوف الأوَّليَّة، بالتزامن مع اليوم العالميّ للمعلم، المقطع تناول طريقة المعلِّم في تعليم الطلاب حرف الباء بحب كبير، وعاطفة جيَّاشة، وبقبلات للحرف الذي يتعلَّمونه بطريقة إبداعيَّة تعبِّر عن شغفه بعمله، وتعلقه بطلابه، والروح التي تجمع بينهم تكاد تجعلك تستشعر أنَّك أحد الطلاب في ذلك الفصل الدراسي، توقفت مليًّا وتساءلتُ من أين يستمد هذا المعلِّم الجليل طاقته الإبداعيَّة في هذه المرحلة العمريَّة وتيقَّنت أنَّه يعشق مهنته فوصل لحالة الاستمتاع بهذه المهنة المقدَّسة فهي رسالة عظيمة، وأمانة لا يعيها إلاَّ العارفون بأنَّهم قد حباهم الله أعظم وأشرف وأقدس مهنة، عندما يكون ممَّن اختارها طواعيَّة؛ ليكون معلِّمًا للأجيال. عدتُ بذاكرتي لأيام طفولتي، عندما كنتُ أرى والدي -حفظه الله- وقدوتي في مسيرتي التعليميَّة، يتمثَّل هذا الحب واقعًا وحقيقةً يعيشها بلا شك، ولا ريبة، لا يتحدَّث كثيرًا، ولكن أفعاله تنبئ عن الحب. لم أعرف أنَّ أبي تغيَّب يومًا عن عمله، أو مدرسته، أو جامعته، حيث كان قائدًا في الصباح لمدارس التعليم العام، وطالبًا على مقاعد الدراسة بعد الظهر، وقائدًا لمدارس محو الأميَّة ليلاً. تعلَّمتُ منك يا مربي الأجيال في المدينة النبويَّة حبَّ العلم والتعليم، يا من نهلت من معين العلم والمعرفة، حتَّى وصلت إلى نهاية مسيرتك التعليميَّة، وقد سطَّرت بمداد الفخر في سجلات التعليم كيف يكون الانتماء والعطاء بلا حدود، وبدون انتظار كلمة شكر، أو تكريم؛ لأنَّك قلتَ لي يومًا: تكريمي يا ابنتي أخذته من البركة التي وهبني الله إيَّاها في كلِّ شيء في حياتي، وفي طلابي الذين اعتلوا أعلى المناصب في كلِّ دائرة حكوميَّة، حتَّى إذا دخلت على أحدهم أكرمني، ورفع قدري، وقضى لي حاجتي وأنا في مكاني. معلِّمي والدي، ومعلِّمتي أمّي، وكل مَن علَّمني حرفًا على مقاعد الدراسة، في يومكم الذي كان في الخامس من أكتوبر، كل الأيام لكم، وكل الاحترام والتقدير والإجلال لدوركم الذي تقومون به، هذا زمانكم لتقدِّموا نماذج حقيقيَّة من القدوات، وحرصًا متزايدًا على تلقِّي العلم. ففي كل يوم جديد في عصر لا يعرف الهدوء، ولا التوقف عند مرحلة تعليميَّة ولا شهادة عُليا في زمن التحوُّل الوطني 2020 يقودنا نحو رؤية طموحة 2030 لابدَّ من إدراك الدور المناط بكم، وأنتم أهلٌ للأمانة. التعليم هو سفينة الأمان التي ستبحر بنا نحو المستقبل، الذي نريد لنا وللأجيال القادمة. Majdolena90@gmail.com
مشاركة :