عندها يلتقي الشرق والغرب وكل الجهات

  • 6/5/2016
  • 00:00
  • 28
  • 0
  • 0
news-picture

عندها يلتقي الشرق والغرب، والشمال والجنوب، وما بين الأولَيْن، والآخرَيْن، ولاعزاء لـ«رديارد كِبلِنغ»، فالشرق والغرب عندها يلتقيان، وكذلك الشمال والجنوب، ولكل جهة نصيبها منها. من الجهات من ينكر وجودها فيها وتدعي نظافتها وبراءتها منها تماماً، ومنها من تعترف على مضض بتلوثها بها، وتحاول مقاومتها على مضض، ومنها من تعترف بوجودها وتمسك العصا من المنتصف في تصديها لها، ومنها من تواجهها بتصميم وقوة فتسن القوانين والتشريعات، وتأخذ بكل الوسائل والسبل في مكافحتها لتخليص نفسها من قبضتها بعد قرون عدة من استحكامها فيها وتحكمها في العلاقات بين الناس. إنها العنصرية التي تلتقي عندها كل الجهات، ولا يمكن أن تتميز بالاستثناء منها أية جهة من الجهات الرئيسية أو الفرعية، سواء تلك التي تؤمن بما نزل به وحي سماوي، ومن لا تؤمن، أو لم ينزل عليها وحي. كل الجهات في العنصرية سواسية كأسنان المشط. في الأسبوع الماضي أطلت العنصرية بوجهها القبيح من عبوة «مُنظِّف»، في إعلانٍ لأحد المنتجين الصينيين. لقد أثبت الإعلان أن الشركة المنتجة والذين ظهروا في الاعلان، كانوا في حاجة الى التنظيف والغسل والتعقيم من العنصرية قبل أن يشاركوا في إعلان ترويجي لمنظف الملابس. في الاعلان تضع شابة صينية في فم شاب أسود قبل أن يُقَبِّلَها عبوة صابون صغيرة ثم تدفعه في جوف غسالة وتغلق عليه بابها. وتدور الغسالة بالشاب الأسود، ليخرج بعد انتهاء مدة الغسل شاباً صينياً أبيض (أو أصفر)، باللون والملامح التي تريدها الفتاة وتفضلها في من يستحق أن تهبه قبلتها العنصرية. لقد فعل المنظف مفعوله العجيب في الشاب الأسود، إذ لم يغير لونه بمحو السواد الممقوت والذي بسببه لن ينال القبلة من الفتاة فحسب، بل بسط على وجهه ملامح شرقية وغرس في جمجمته شعرا ناعما أملس. باختصار، خرج الشاب الأسود الافريقي على الفتاة شابا صينيا؛ فالأسود لا يليق بها، ولا تليق به حسب فكرة ومنطق الاعلان العنصري. المفارقة اللافتة أنه وخلال الفترة نفسها، وتحديدا في الخامس والعشرين من مايو الماضي حملت صحيفة (ذا نيويورك تايمز) تقريراً عن نضال الممثلين والممثلات من أصول آسيوية ضد العنصرية والتمييز اللذين يتعرضان لهما في هوليوود. ليس لما حدث علاقة بالصدفة لا من بعيد ولا من قريب، هذا هو واقع الحال المؤلم، العنصرية وباء متفش في كل الجهات، وتلتقي عندها كل الشعوب. والاختلاف بين الشعوب في هذه الناحية يتأسس على نوع تجاوبها وتعاطيها مع المشكلة كما ذكرت أعلاه. فحسب التقرير الذي اعدته لـ(ذا نيويورك تايمز) أماندا هِسْ، تقود الممثلة «كونستانس وو» وعدد من الممثلين من أصول آسيوية حملة لدعم الظهور السينمائي للآسيويين والاحتجاج ضد عملية «التبييض» التي تقوم بها هوليوود بجعل ممثلين بيض يؤدون أدوار شخصيات آسيوية. وعبر تويتر انتقدت السيدة «وو» هوليوود على اقتصار أدوار البطولة على البيض. ويشير التقرير الى أنه ليس سهلاً للآسيويين الحصول على عمل في هوليوود، ناهيك عن الوقوف في وجه من يدير المكان. لكن بالتأكيد ليس صعباً الوقوف في وجه العنصرية في الشرق والغرب وكل الجهات إذا توافرت الرغبة والعزيمة!

مشاركة :