في خطوة مفاجئة، أرغم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤخراً وزير الحرب موشيه يعلون على الاستقالة. ورد يعلون بإطلاق تحذير من أن متطرفين وعناصر خطرة استولوا على إسرائيل. يشير تصريح يعلون إلى خلفه أفيغدور ليبرمان، زعيم حزب إسرائيل بيتنا اليميني المتطرف الذي اشتهر بتصريحات نارية، مثل تهديده بقصف السد العالي في مصر، وقطع أعناق الفلسطينيين. كما يشير التصريح إلى حزب الليكود بزعامة نتنياهو. وبعد استقالة يعلون وإعلانه الابتعاد عن السياسة، شغل مقعده في الكنيست الحاخام الليكودي المتطرف يهودا غليك، القيادي الاستيطاني الذي هدد بهدم المسجد الأقصى لبناء معبد يهودي مكانه. ويأتي هذا التغيير الحكومي في وقت أخذ المتطرفون الإسرائيليون، الذين يعرفون باسم المعسكر القومي - الديني، يسيطرون بهدوء على المؤسسات الأمنية الإسرائيلية. وهذا ليس تطوراً عرضياً. فمنذ نحو عقدين، والمستوطنون يستهدفون تولي قيادة مؤسسات رئيسية. وتسارعت هذه العملية خلال حكم نتنياهو في السنوات السبع الأخيرة. وقد تباهى نفتالي بينيت، زعيم حزب البيت اليهودي ووزير التعليم حالياً، بأن المعسكر القومي - الديني يتولى الآن مناصب قيادية في جميع مفاصل الدولة في إسرائيل. وأحد نجاحات بينيت هو تولي نصيره روني الشيخ منصب قائد الشرطة. وقوة الشرطة الإسرائيلية أطلقت مؤخراً حملة تحت شعار الإيمان بالشرطة لتجنيد المزيد من المتدينين المتطرفين الذين يعتبرون الفلسطينيين أدنى من البشر. والأجهزة الأمنية الأخرى تشهد هي أيضاً مثل هذا التحول. فالمعسكر القومي - الديني يتولى الآن مناصب عدة في جهاز الأمن العام شين بيت وجهاز الاستخبارات الموساد. وفي الجيش أيضاً أصبح المستوطنون اليوم ممثلين بقوة كبيرة في هرم ضباط الجيش وقادة الوحدات القتالية. ولكن رغم هذا المد الصاعد، فإن النخبة العلمانية التقليدية في إسرائيل - المكونة أساساً من يهود أوروبيين - تشبثت باستماتة بالدرجات العليا في القيادة العسكرية. ونتنياهو يغتاظ بشدة من استمرار سيطرتهم. وقد وقفوا في طريقه في مناسبتين كبيرتين: عندما حاول إسقاط اتفاقيات أوسلو في أواخر التسعينات، وعندما حاول قصف إيران قبل خمس سنوات. وفي مسعى للحد من نفوذهم، حاول نتنياهو العام الماضي تعيين الجنرال المتدين يائير نافيه رئيساً للأركان، ولكن كبار الضباط وقفوا بوجهه، غير أن تولي ليبرمان وزارة الحرب يمكن أن يشكل منعطفاً. ومن بعض الجوانب، الوضع ليس بالخطورة التي يوحي بها تحذير يعلون. فطوال عقود، كان الجنرالات العلمانيون هم الذين يتولون إدارة الاحتلال الذي يقمع الفلسطينيين، ويحرمهم من حقوقهم، ويحشرهم في مناطق أصغر فأصغر. وهؤلاء الجنرالات عاملوا الفلسطينيين بالوحشية ذاتها التي يعاملهم بها الآن الضباط المتدينون الذين أخذوا يحلون محلهم. وتمدد التيار القومي - الديني ليشمل استفزاز العناصر العسكرية الليبرالية، إلى درجة أن نائب رئيس الأركان الجنرال يائير غولان قارن بين إسرائيل وألمانيا النازية في الثلاثينات ( وليس الأربعينات ). وهدف المعسكر الديني - القومي سافر: رفع آخر القيود عن الاحتلال، ومحو المجتمع الفلسطيني، وبناء إسرائيل الكبرى. وهذا يعني أنه لا أمل في حل سلمي بين إسرائيل والفلسطينيين - إلا إذا سبقه نزاع أهلي صاخب بين يهود إسرائيل العلمانيين ويهودها المتدينين. * صحفي بريطاني مستقل يعمل انطلاقاً من الناصرة في الجليل - موقع زي نت
مشاركة :