تمثِّل حرية الرأي والحق في التعبير حجر الزاوية لكل مجتمع تسوده الحرية والديمقراطية، وترتبط حرية الرأي ارتباطًا وثيقًا بالحق في التعبير، ذلك أن الأخير يمثّل الأداة التي تتيح تبادل الآراء وتطويرها. ولا تقتصر حرية الرأي والحق في التعبير على ما يبديه الأفراد من آراء هنا أو أفكار هناك، وإنما يمتد ذلك إلى التماس ضروب المعلومات والأفكار وتلقِّيها ونقلها إلى آخرين من دون اعتبار للحدود، كما أن حرية الرأي والحق في التعبير يمتدان ليشملا أيضا حرية الصحافة والإعلام، وحرية الضمير والفكر والوجدان والحرية الدينية. تعدُّ حرية الرأي والحق في التعبير من أهم مرتكزات الحكم الرشيد، والأداة الأساسية التي يتمكن من خلالها الفرد من الحصول على المعلومات وتلقّيها ونشرها لتعزيز دوره الرقابي على أداء السلطات العامة وفي المساءلة لهذه السلطات من أي تجاوز أو تقصير في أداء مهامها. وقد كفل دستور مملكة البحرين التمتع بحرية الرأي والحق في التعبير في المادة رقم (22) التي نصت على أن حرية الضمير مطلقة، وتكفل الدولة حرمة دور العبادة، وحرية القيام بشعائر الأديان والمواكب والاجتماعات الدينية طبقا للعادات المرعية في البلد، وأردفت المادة رقم (23) منه أن حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما، وذلك وفقا للشروط والأوضاع التي يبيّنها القانون، مع عدم المساس بأسس العقيدة الإسلامية ووحدة الشعب، وبما لا يثير الفرقة أو الطائفية. وعلى مستوى التشريع الوطني، صدر المرسوم بقانون رقم (47) لسنة 2002، بشأن تنظيم الصحافة والطباعة والنشر، الذي تناول الأحكام المتعلقة بالطباعة والنشر وتنظيم الصحافة، إلا أنه لم يصدر أي تعديل حول أحكامه، رغم كثرة الجدل في المجتمع البحريني حول ما تضمنه هذا التشريع من أحكام. كما أن صدور القانون رقم (51) لسنة 2012 بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بمرسوم بقانون رقم (15) لسنة 1976 بإلغاء المادة رقم (134 مكررا)، التي كانت تجرّم إذاعة أخبار أو بيانات أو شائعات كاذبة في الخارج عن الأوضاع الداخلية في البلاد، وكذلك إلغاء المادة رقم (174) بشأن تجريم صنع أو حيازة أو توزيع أو لصق صور من شأنها الإساءة إلى سمعة البلاد، وتعديل المادة رقم (69 مكررا)، التي بيّنت أن تفسير القيود الواردة على الحق في التعبير في قانون العقوبات أو أي قانون آخر هو في الإطار الضروري اللازم لمجتمع ديمقراطي وفقا لمبادئ ميثاق العمل الوطني والدستورـ واعتبرت أن ممارسة الحق في التعبير في هذا النطاق يعد عذرا مُعفيًا من العقاب، كما أن تعديل المادة رقم (168) من هذا القانون بتحديد ـ وعلى سبيل الحصر ـ الأوصاف القانونية المترتبة على إذاعة الأخبار الكاذبة، واشتراطها وجوب أن يكون الفعل عمديا ومرتبا لحدوث ضرر بالأمن الوطني أو النظام العام أو المصلحة العامة، هي في مجموعها تعديلات أضفت مزيدا من الضمانات ومساحة أوسع للتمتع بحرية الرأي والحق في التعبير في مملكة البحرين. أما على مستوى الاتفاقيات والصكوك الدولية، فقد ورد في المادة رقم (19) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أن لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء من دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقّيها ونقلها إلى الآخرين، بأي وسيلة ودونما اعتبار للحدود. المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان
مشاركة :