بين القوة والشرعية | عبدالله بن يحيى المعلمي

  • 6/15/2015
  • 00:00
  • 62
  • 0
  • 0
news-picture

الكاتب الصحفي البريطاني مالكولم جلادويل صدر له كتاب بعنوان «داود وطالوت، فن الصراع مع العمالقة» وفيه يتحدث عن العلاقة بين القوة والشرعية، فيقول إن على السلطة ذات القوة أن تلتزم بثلاثة شروط لتكتسب مشروعيتها، أول هذه الشروط هو أن تمارس سلطتها على الناس باحترام فتحفظ لهم كرامتهم وتنصت إلى أفكارهم وآرائهم وأن يشعر الناس أن لهم كلمة مسموعة وقدرة على التأثير والتغيير. ثاني شروط المشروعية هو أن تكون السلطة منصفة فتتعامل مع الجميع بروح المساواة والعدالة وأن القانون لا يكال بمكيالين أو كما قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم: «إنَّما أهْلَكَ الَّذينَ من قبلِكُم أنَّهم كانوا إذا سَرقَ فيهمُ الشَّريفُ ترَكوهُ، وإذا سرقَ فيهمُ الضَّعيفُ أقاموا عليهِ الحدّ، وأيمُ اللَّهِ! لَو أنَّ فاطمةَ بنتَ محمَّدٍ سرَقَت لقطعتُ يدَها». وثالث شروط الشرعية هو أن تكون السلطة محلاً للثقة، وأن تكون القوانين واضحة سهلة التأويل، ثابتة لا تتغير بين عشية وضحاها. قد تتمكن داعش من الاستيلاء على السلطة في أجزاء من العراق وسوريا، وقد يتمكن الحوثيون من السيطرة على مدينة أو محافظة أو أكثر في اليمن ولكن انظروا إلى مقاييس المشروعية كما أوضحها جلادويل وحاولوا أن تطبقوها فستجدون أن الجماعتين لا تحترم أي منهما من يقع تحت سلطتها بل إنها تخضعهم بالترهيب والقوة وكلاهما يطبق على من لا ينتمي إلى مذهبه أو حتى إلى مدرسته الفكرية أبشع صنوف التفرقة والاضطهاد فينتفي لديهم مفهوم المواطنة ويحل محله مفهوم الحزبية والتفرد المذهبي، ثم إن ما يطبقونه من قوانين لا يعرف الانضباط والتجانس وإنما هو عبارة عن أحكام مزاجية وفتاوى تسبك وفقًا لرغبة الخليفة أو الزعيم الأوحد. لم تشتعل ثورات الاضطراب العربي بسبب غياب رغيف الخبز فحسب، بل اشتعلت أيضًا بسبب غياب الكرامة واحترام المواطن، ومن هنا نفهم طبيعة العلاقة بين ولي الأمر في بلادنا الذي لم يتساهل مع صفعة مواطن والذي تعامل بكل أناة وحكمة واحترام مع صرخة شاب خانه التعبير وهو يتحدث عن مسؤولية الدولة عن حماية جميع المواطنين وغير ذلك من الأحداث الصغيرة في حجمها والكبيرة في معانيها ومغازيها. afcar2005@yahoo.com

مشاركة :