عبدالله المعلمي وزخم جديد من الدبلوماسية الفاعلة | عاصم حمدان

  • 6/14/2016
  • 00:00
  • 57
  • 0
  • 0
news-picture

* أعرف شخصيتين دبلوماسيتين خرجتا من عباءة الفكر والأدب، الأوّل منهما أعرفه عن قرب، وهو معالي السيد الدكتور نزار مدني، فأسرتُه في بلد المصطفى -صلى الله عليه وسلم- عُرِف عنها تعاطي الأدب والتاريخ منذ مطلع القرن الرابع عشر الهجري، ويكشف عن هذا التوجُّه، وتلك الموهبة كتابه الموسوم «دبلوماسي من طيبة»، والذي خصَّه الابن الناقد محمد الدبيسي بدراسة موضوعيَّة، وسلكه ضمن كتب السيرة الذاتيَّة المتميِّزة، على ندرة هذا الفن الأدبي بحيث تشعر أن مَن تقلَّدوا مناصب إداريَّة هامَّة يعزفون لأسباب وحيثيات خاصَّة بهم عن تدوين ما حفلت به حياتهم من نشاطات ومواقف، وشذَّ القليل من هؤلاء مثل: غازي القصيبي، وهشام ناظر -رحمهما الله-. * أمَّا الشخصيَّة الأخرى، فهو من أردت أن أقوم بالقليل من واجب حقِّ الجيرة إزاءه، حيث نكتب زاويتين متجاورتين في الصفحة الأخيرة من هذه الجريدة الغرَّاء، وأعني به معالي السفير عبدالله المعلمي، والذي عرفتُ والدَه الفريق يحيى المعلمي، فهو من جيل أدبي امتهن الكتابة الأدبيَّة واللغويَّة، ولعلَّ كتاباته اللغويَّة المتعمِّقة أهَّلته بأن يكون أحد أعضاء المجمع اللغوي بالقاهرة. وبعد انتقال الرائد المعلمي إلى الدار الأخرى برزت شخصيَّة المعلمي الابن الإداريَّة المتميِّزة من خلال عمله رئيسًا للغرفة التجاريَّة بجدَّة، ثم أمينًا لمدينة جدة. ويقرُّ الكثير بأنَّ حقبته في الأمانة كانت من التميُّز والإنجاز العملي المصحوب برؤية استشرافيَّة. وفي اللقاءات المحدودة التي جمعتنا، وجدته محاورًا فذًّا وهو ما يطلق عليه في أدبيَّات السياسة: Derater أيّ مناقش يمتلك وسائل الحوار والمناقشة، ومن ثمَّ يستطيع التأثير إيجابيًّا في الآخرين، ولعلَّ تجربته كعضو في مجلس الشورى صقلتْ شخصيَّته المهيَّأة «طبيعيًّا» للحوار، وتقبُّل الآخر. ويمكن القول إنَّه ورث عن والده كذلك الهدوء، وهو ما يتطلَّبه عمله الدبلوماسي الذي كانت بدايته مندوبًا عن المملكة في المفوضيَّة الأوروبيَّة في بروكسل، ثم صعوده السلم عن جدارة ليُضْحِي المندوب السعوديّ لدى الأمم المتحدة، وقد أبلى بلاءً حسنًا في السنين الأخيرة التي شهدت انعطافات سياسيَّة هامَّة وخصوصًا في الأزمتين في كل من سوريا واليمن. وقد نقلت صحيفة الحياة في عددها الصادر 9 حزيران 2016م بأنَّ المعلمي السفير أثار إعجاب مواطنيه وسواهم بعد سعيه الدؤوب في العمل على حذف اسم التحالف العربي الذي تقوده المملكة في اليمن من قائمة الإدانة بانتهاك حقوق الطفولة في اليمن، ويشير تقرير الصحيفة نفسها بأنَّه أثبت براعته في الردود على السفيرين السوري والإسرائيلي. * وإذا كان السياسي البريطاني الراحل كريستوفر Christopher-mayhew والذي أشار في دراسته -بالاشتراك- عن القضيَّة الفلسطينيَّة أنَّه عند صدور وعد بلفور Bal Four عام 1917م كان ما ينقص العقليَّة العربيَّة هو القدرة على التأثير على صانعي القرار في الغرب، بينما كان الإسرائيليون يملكون الحنكة والقدرة البيانية المؤثّرة والتي كان المتعاطفون مع الحركة الصهيونيَّة يمتلكونها، فالخطاب العربي ظل إنشائيًّا على مدى عقود طويلة من الزمن، إلاَّ أن بروز شخصيَّة تملك البيان المؤسَّس على الدقة في الطرح والوضوح في التناول مثل شخصيَّة «المعلمي» يدفعنا للأمل بأن تدرك الدولُ العربيَّة مدى حاجتِها لشخصيَّاتٍ سياسيَّة تملكُ أدواتِ الإقناع والتأثير في الآخر، إضافة الى معرفة العقليَّة الغربيَّة ومخاطبتها بنفس الأدوات والوسائل. * ولعلّي أختم مقالتي -هذه- بما حدَّثني به الصديق السفير أسامة السنوسي، بأن المعلمي أضاف زخمًا جديدًا للسياسة السعوديَّة في ظل مسيرة النماء والتطور التي يقودها ويوجهها الوجهة الصحيحة خادمُ الحرمين الشريفين الملك سلمان، في ظل حقبة هي من أصعب الحقب التي مرَّت بها الأمة العربيَّة على مرِّ التاريخ.

مشاركة :