كشفت دراسة حديثة أعدّها مدير السياسات والتطوير في مصلحة الجمارك اليمنية عبدالوهاب العودي، أن إجمالي قيمة التجارة المتلاعب فيها في اليمن (التدفّقات المالية غير المشروعة - صادرات وواردات)، بلغ نحو 51.617 بليون دولار بين 2004- 2014، وبمتوسّط سنوي يعادل 4.692 بليون دولار. وأوضحت الدراسة الحكومية بعنوان «حجم التلاعب بفواتير التجارة الدولية وأثره على الإيرادات العامة في اليمن»، أن إجمالي الإيرادات المفقودة نتيجة التلاعب (الاحتيال) في خفض قيمة فواتير الواردات ما بين اليمن ودول العالم بلغ نحو 7.238 بليون دولار بمتوسّط سنوي 658 مليون دولار في الفترة ذاتها. وأكدت أن إجمالي الإيرادات المفقودة نتيجة التلاعب بخفض قيمة فواتير الواردات إلى اليمن مع أكبر عشر دول شريكة تجارياً والتهريب خارج الدوائر الجمركية أيضاً، بلغ نحو 4.164 بليون دولار على مدى 11 سنة، أي 378.5 مليون دولار كمتوسّط سنوي. ويمثّل متوسّط نسبة واردات اليمن وصادراتها من أكبر عشرة شركاء تجاريين وإليهم، 58 في المئة و72 في المئة من إجمالي وارداتها وصادراتها الكلية بين 2004 و2014. وأشارت الدراسة من خلال نتائج تحليل بيانات التجارة الدولية بين اليمن وشركائه الكبار، أن هناك تبايناً واختلافاً كبيرين في قيمة الفواتير التي يقرّ بها التجّار، وفي حجم البيانات التي يعلن عنها البلدان الشريكان. وبلغ متوسّط نسبة التلاعب بفواتير الصادرات إلى أكبر عشر دول شريكة تجارياً نحو 25 في المئة من إجمالي صادرات اليمن، وفواتير الواردات من أكبر عشر دول شريكة تجارياً نحو 30 في المئة من إجمالي واردات اليمن في فترة الدراسة ذاتها. كما بلغت قيمة التلاعب «خفضاً» في الفواتير التجارية لواردات اليمن من أكبر عشرة شركاء تجاريين 23.797 بليون دولار بمتوسّط سنوي يبلغ 2.163 بليون دولار. ووفقاً للدراسة «بلغ حجم التلاعب في خفض قيمة الفواتير التجارية للواردات من أكبر أربعة شركاء تجاريين نحو 21.628 بليون دولار طوال 11 سنة، وبما نسبته 91 في المئة من إجمالي حجم التجارة مع أكبر عشر دول شريكة تجارياً، وبمتوسّط سنوي 1.966 بليون دولار». وتركّز التحايل في قيمة فواتير الواردات في شكل كبير في ست مجموعات سلعية رئيسة، هي «اللدائن والمطّاط، والجلود ولوازم السفر والحقائب اليدوية، والأقمشة والملبوسات، والأحذية، ومصنوعات الحجر والجص والزجاج، والأجهزة والمعدّات الكهربائية». ويزيد متوسّط نسبة التلاعب في السلع الست (المهرّبة) على 70 في المئة في السلع ذات فئة الرسم 10 في المئة، وحوالى 40 في المئة في السلع ذات فئة الرسم 5 في المئة. ويعاني اليمن كثيراً ظاهرة التهريب، سواء من خلال تجنّب إدخال السلع المستوردة عبر الدوائر الجمركية الرسمية، لا سيّما البرية منها، أو من طريق التحايل بفواتير التجارة الدولية. ونتيجة لذلك تحرم خزينة الدولة من إيرادات ضريبية طائلة، في ما يحرم الاقتصاد اليمني من فرص كثيرة في الاستثمار وتعزيز النمو والتنمية. وقامت الدراسة بتحليل بيانات التجارة الدولية لليمن، وبالتحديد الواردات المخفّضة الفواتير مع أكبر عشر دول شريكة تجارياً وبينها الصين والهند والإمارات، وتايلاند واليابان وكوريا الجنوبية والبرازيل وهولندا والولايات المتحدة لسلسلة زمنية امتدّت 11 سنة، وشملت كل البيانات التي أقرّ بها اليمن وتتوافر في قاعدة بيانات الأمم المتحدة للتجارة السلعية. وعزت أسباب التهريب والتهرّب إلى «تفشّي الفساد في أوساط التجّار وموظّفي الحكومة على السواء، وميل التجّار وتهافتهم لجني عائدات التوسّع في السوق السوداء من دون تحمّل أي أعباء ضريبية، والعبء الضريبي والتعريفي، على رغم أن متوسّط التعريفة في اليمن 6 في المئة إلا أن التلاعب يحدث حتّى في السلع ذات فئة الرسم 5 في المئة، ما يعني أن التهريب مرتبط بقوة بحالة الفساد المستشري». ووجدت الدراسة أن من بين أسباب التلاعب بفواتير التجارة ضعف الرادع القانوني أو انعدامه، والفساد الإداري والتشريعي، وضعف البنية التحتية المطلوبة لتسهيل التجارة. وحضّت على مراجعة السياسات والتشريعات الجمركية والضريبية بغية تخفيف العبء الضريبي والتعريفي، وتعزيز التنسيق والتعاون بين مصلحتي الجمارك والضرائب في شأن تنفيذ عقوبات رادعة مشتركة على المهرّبين والمتهرّبين، ومنها إلغاء الرقم الضريبي للتجّار الذين ثبت تورّطهم بالجرم، وتعزيز التنسيق والتعاون بين اليمن والدول الشريكة تجارياً بهدف الحد من ظاهرة التلاعب بقيمة الفواتير التجارية وبياناتها في بلد المصدر تحديداً. وشدّدت الدراسة على ضرورة تحديث النظام الآلي الجمركي وتعزيز قدرات الموظّفين والمستفيدين على استخدامه وتحرّي الدقة في إدخال البيانات الإحصائية، ووضع خطة لمكافحة الفساد في المؤسسات الإيرادية في مقابل منح موظّفي هذه الجهات ميزات خاصة نظير جهودهم وطبيعة عملهم. ودعت إلى تعزيز جهود مكافحة التهريب على المستوى الوطني وتفويض هذه المهمة لوحدة خاصة من جهاز الأمن القومي.
مشاركة :