صناعة رأي عام أم إثارة السُخط العام؟ - عبد الله إبراهيم الكعيد

  • 1/25/2014
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

وقد انفضّ سامر اللقاء في إمارة منطقة الرياض قابلت الدكتور خالد بن عبدالرحمن الشايع الأمين العام المساعد في رابطة العالم الإسلامي. وجدتُ الرجل باسماً كما عرفته فتحدّث عن كلمة صاحبكم كاتب هذه السطور التي ارتجلتها بإيجاز أمام أمير منطقة الرياض ونائبه وجمع حضر معنا(بعض) كُتّاب الرأي في الصحافة السعودية بدعوة من الأمير كي يسمع منّا ونسمع منه. لم يُبدِ الرجل(أي خالد الشايع) نُصحاً أو أنكَرَ عليّ أمراً رآه فيّ كما يفعل البعض بل كانت الغيرة على الوطن وأهله تُسيطر على حديثه لدرجة أنه تخوّف من عودة الداعشيين ومن في حكمهم حين يخمد اللهيب في مناطق الصراع التي يدّعون أنهم يجاهدون فيها نُصرة للدين. قال: كنت سأطلب الحديث ولكنني بعد سماع قولك اكتفيت. قبل أن يذهب كُل منّا لشأنه طلب مني الدكتور أن أفرد مقالة لما قلته في قصر الحُكم. ماذا قلت؟ حتى لا تتلبسني النرجسيّة وأنتشي بنفسي بعد حديث الرجل الفاضل لا أرى هناك داعياً لترديد حديث ربما بثّه التلفزيون السعودي وسمعه من سمعه، لكنني أجدها فرصة للتذكير وأنا أُعلّق على كلام أمير المنطقة حول الإشاعات والإرجاف عن بلادنا وأحوالها الذي تبثّه بعض قنوات الإعلام ووسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي أقول أجزم بأن أيّ كاتبِ رأي عاقل لا يمكن أن يجرّه أحد إلى خندقه المشبوه لكي يشمت بالوطن أو يتسقّط العيوب والأخطاء. لا يمكن أن يلعب بعقولنا مُندس يحاول تمرير أكاذيبه لكي نُعيد نشرها ما بالك بتضخيمها وتفخيخها كي تكون كالخنجر يطعن به الأعداء بلادنا، بل مسؤوليتنا البحث عن الحقيقة وتبيانها بكل تجرّد. نحنُ كُتّاب الرأي لسنا في موقف نفي الأحداث أو حتى دحض الأكاذيب فهذه مسؤولية غيرنا. نعم نلمس التقصير كما يلمسه غيرنا.. لكننا لا نلبس عباءة النادب المتباكي اليائس بل نحاول دعم مسيرة الإصلاح التي يقودها قائد هذه البلاد والشواهد حول إنجازاته في هذه المسيرة لا تحتاج إلى دليل. حين نرى الأخطاء لا نصمت وهذا هو دور الصحافة في الإشارة إلى مواقعها وتشخيص عِللها وليس بالضرورة تقديم الحلول. بهذه المناسبة رأيت اقتطاع فقرة وردت في مقدّمة كتاب "أباطيل وأسمار" لمحمود محمد شاكر منشورات مكتبة دار العروبة طبعة 1965م يقول: "هذه الحرب الخسيسة الدائرة على أرضنا من مشرق الأرض إلى مغربها وهذه المعارك ليست في حقيقتها أدبية أو ثقافية أو فكرية بل هي معارك سياسيّة تتخذ الثقافة والأدب والفكر سلاحاً ناسفاً، لن أُمضي سلاحاً في يد عدونا هو سلاح الكلمة يحمله رجال من أنفسنا ينبثّون في كل ناحية ويعملون في كل ميدان وينفثون سمومهم بكل سبيل."أ.ه لاحظوا أن هذا الكلام قيل قبل حوالي نصف قرن مضى فما عسى الكاتب يقول اليوم وقد أصبحت أسلحة الكلمة الغادرة أكثر من الهم على القلب. صناعة رأي عام صادق ونزيه لا تُقارن إطلاقاً بإثارة السخط العام فلا يغرّنكم معسول الكلام ولا جلود الحِملان المُزيّفة.

مشاركة :