حكم الصينيون على الإنسان وهم أهل حضارة عريقة وحِكمة بكونهِ " كما صار لا كما كان ". بمعنى لا يهمّ ماضي الإنسان كثيراً بقدر حاضره وما وصل إليه. وفي معظم الحضارات العريقة يعتبر الإنسان هو المقياس الحقيقي لكل الأشياء. السؤال كيف يُنظر للإنسان اليوم وما هي قيمته خصوصاً في الدول النامية؟ وهل تم الاشتغال بكل صدق من أجل رفاهيته وتنميته وصون كرامته وحقوقه؟ للجواب عن هذا السؤال الصعب لابد من النظر فيما تم من مشاريع هدفها الإنسان لا غير .انظروا رحمكم الله فيما حولكم حتى تعرفوا الحقيقة المجرّدة. كنتُ أتصفح جدار الفيس بوك (وأنا بالمناسبة أفضّله على تويتر) فلفت انتباهي صورة قديمة نوّه ناشرها إلى أنها من بلادنا في زمن مضى ووضع رابطاً لمزيد من الصور. ذهبتُ إلى الموقع المشار إليه " برود كاست " فوجدت صوراً قديمة عن بلادنا استخلصها صاحب الموقع من فيلمٍ بريطانيّ تم تصويره عام 1966م. يصف البعض تلك الفترة بأنها "الزمن الجميل" بينما يسِم البعض الجيل الذي عاصر ذلك الزمن بالطيبين. أيّاً كان القول أرى وقد عاصرت تلك الحقبة بكل ما فيها بأنها عصر الشح وقبول التحديات. صحيح أنها بدايات تكوين وطن من لا شيء لكن الناس حينها كانوا يتطلعون للأفضل وخصوصا من سافر منهم لدول الجوار من العرب وغير العرب. في مطلع السبعينيات الميلادية حدث ما سُمي بالطفرة ومن هنا بدأ كل شيء يتغير. تم التركيز على هدم الماضي من خلال إزالة ما يُشير إليه من مبان ومظاهر وأسلوب حياة لهذا تأخر بناء الإنسان فلم يتواكب مع تطوّر الأشياء. رغم ذلك فإنسان اليوم غير إنسان الأمس تماما كما الخدمات التي تُقدّم اليوم غيرها بالأمس بفوارق هائلة. لا يعني كلامي هذا القناعة التامّة بما وصلنا إليه، فالذي يقول بالوصول سيتجمّد عند قناعاته وتسبقه الأمم فالتطور لا يقف عند حد أو وقت. في أقل من نصف قرن تغيّر حالنا تماما.. للأفضل بالتأكيد من رأى صور أولئك الشبان تحت أسوار الصحيّة (مُسمى المستشفى آنذاك) يبيعون زُجاجات فارغة يعلم الله درجة تلوثها يشتريها المرضى من أجل تعبئتها من قبل الصيدلي بالدواء يعرف الفوارق في الخدمات الصحيّة التي تقدّم اليوم. يمرّ الدواء حاليّاً وكذا الأجهزة الطبية المستخدمة في الفحص والجراحة بأقسى أساليب التعقيم ومع هذا نلطم على حال الصحّة لدينا. قد يقول قائل ليس لأحد منّة في هذا فنحن من أغنى دول العالم. هذه حقيقة لكن لا ننسى بأن هناك من لديهم موارد هائلة ومع هذا فهم يعيشون في القرون الوسطى خُذوا حال ليبيا أو العراق على سبيل المثال(اللهم لا شماته). دعوكم من المرجفين في المدينة فبلادنا بخير وستسير القافلة نحو الأفضل.
مشاركة :