لنبدأ الحكاية من رؤية صاحب كتاب سيكيولوجية الجماهير "غوستاف لوبون" حول غياب توجيه الرأي العام الذي أدى الى التفتيت الكامل لكل القناعات واليقينيات ثم الى شيوع اللامبالاة المتزايدة لدى الجماهير والأفراد في آن معا وذلك في كل ما يخص مصالحها المباشرة. والذي حصل خلال العقود القليلة الماضية ان آراء الناس كانت تحظى بتوجيه عام أما الآن فإن كل رأي من الآراء العامة قد بدأ يفقد هيبته أمام المناقشة والتحليل وأضحى انسان اليوم مصابا باللامبالاة أكثر فأكثر. في العصر الحديث وبعد احداث 11 سبتمبر تزايدت الأزمات في العالم ما استدعى القول بأننا بالفعل نعيش عصر الأزمات والكوارث والحروب.. وللأسف الشديد يلاحظ بأن الوسائل الاتصالية سواء التقليدية منها أو الجديدة لم تواكب تلك الاحداث بالمهنية والمسؤولية التي تستحقها ما أدى الى تلك اللامبالاة لدى الجماهير التي قال عنها غوستاف لوبون. ليس هذا فحسب بل إن بعض الوسائل الإعلامية ذات التحيزات السياسية والايديولوجية ضربت بالمبادئ الأخلاقية عرض الحائط، وسعت الى تزييف الحقائق وتضليل الرأي العام حول بعض الازمات التي تم استغلالها بأبشع صورة من خلال نشر الأكاذيب وبث الاشاعات ما أدى الى انصراف الجهود للرد عليها بدلاً من التركيز على إدارة الأزمة ومعالجة آثارها. في إدارة وتوجيه الرأي العام هنالك ما يعرف بمعايير تقسيم وتصنيف الرأي العام في الأزمات وأهمها معيار عُمق التأثير. وأعتقد بأن القارئ الكريم ربما يتفق معي بأن وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة لها من القوة والتأثير في توجيه الرأي العام ما يفوق الوسائل الاتصالية التقليدية ومن هنا تم استغلال أقواها كمنصتي تويتر والفيس بوك لمساندة ودعم نشر الرسائل الاتصالية التي تبثها وتنشرها الوسائل التقليدية وبهذا تأثر المتلقي بشكل من الأشكال بهذه الرسائل حتى وهو يعرف بأنها رسائل معادية. اليوم وقد مرّت على بلادنا عواصف حاقدة استغلت حادثتي سقوط الرافعة في الحرم والتدافع في مشعر منى ولم تتعامل وسائل الاعلام التقليدية مع تلك الحادثتين بما تستحقان من إيضاح الحقائق للرأي العام المحلي أو العالمي بسرعة ومهنية واحتراف بل كانت أقرب الى الاجتهادات الفردية منها الى العمل المؤسسي الناضج ولهذا وجدت الوسائل الإعلامية المعادية فرصة ذهبية للنيل من بلادنا ووضعنا موضع اتهام وبهذا تم تضليل الرأي العام وتزييف الحقائق. لقد حان الوقت لتواجد وزارة الثقافة والاعلام بفعالية في (السوشل ميديا) من خلال أصحاب اختصاص واحتراف لعلنا بذلك نستطيع إدارة الرأي العام وتوضيح موقفنا في الأزمات بدلا من هذا الغياب غير المبرر. لمراسلة الكاتب: aalkeaid@alriyadh.net
مشاركة :