الكثير من محبي السفر والسياحة سبق أن سمع عن آثار الصخور المنصوبة في مقاطعة "ويلتشير" جنوب غرب إنجلترا"، التي اشتهرت باسم: "ستونهنج Stonehenge"، ويعود تاريخها إلى ما قبل 3000 سنة قبل الميلاد! وتقوم على أنقاضها حاليا فعاليات سياحية متنوعة، من فنادق ورحلات وإصدارات وغير ذلك. المثير في الأمر أننا في المملكة ـ وتحديدا في منطقة "الجوف" ـ نقف على مخزون هائل من الآثار المشابهة؛ بل والأكثر قِدما منها، ولكننا نهملها بشكل لا يصدق! إذ توجد في ضاحية "قارة" جنوب مدينة "سكاكا" مجموعات متفرقة من الأعمدة الحجرية، يصل عددها إلى 50 مجموعة، يطلق عليها أعمدة "الرجاجيل"، ويتراوح عددها من 3 إلى 5 أعمدة لكل مجموعة، ويقدر تاريخها إلى ما قبل الألف الرابع قبل الميلاد، أي أقدم من أعمدة إنجلترا بألف عام! ولقد وقفت قبل سنوات على إحدى هذه المجموعات، وحزنت بشدة على وضعها الحالي، والمتمثل فقط بوجود سياج حديدي متهالك، ولوحة مهترئة تحمل شعار وزارة التربية والتعليم، حينما كان مسماها وزارة المعارف! إبان فترة إشرافها على الآثار قبل سنوات طويلة، بل إن بعضها طالته يد التخريب، سواء بالكتابة والرسم عليها، أو الحفر تحتها بحثا عن ذهب أو كنز مفقود! بينما أعيننا غافلة عن الكنز الحقيقي؛ بوجود مثل هذه الآثار والشواهد الفريدة من نوعها، كونها قادرة على جذب الكثيرين لزيارتها، وبالتالي بناء صناعة سياحية متكاملة. في الحقيقة، لا أتوقع الشيء الكثير من الهيئة العامة للسياحة والآثار، لكنني أطمح بشيء من رجال أعمال المنطقة أو شبابها الطموح، فهم الأقدر على إطلاق مبادرة لإنقاذ هذه الشواهد النادرة من التخريب والتلف، وإنشاء متحف يجمع شتات تاريخها، وموقع إلكتروني تفاعلي يعرّف بها، ويجذب الجمهور نحوها ونحو منطقة الجوف الجميلة.
مشاركة :