«بريكزيت» يضع بريطانيا بين مطرقة الاقتصاد وسندان السياسة

  • 6/22/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يوم واحد يفصلنا عن انطلاق استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أو ما يسمى (بريكزيت) الذي سيجرى في 23 يونيو الجاري، حيث التوتر هو سيد الموقف في الشارع البريطاني والأوروبي على حد سواء، بينما ينظر العالم بأعصاب مشدودة إلى لحظة المجهول وما الذي ينتظر بريطانيا وأوروبا والعالم ككل فيما لو صوت مواطنو المملكة مؤيدين أو رافضين خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وقال أستاذ الاقتصاد في كلية لندن لإدارة الأعمال البروفيسور أندرو سكوت إن «الاستفتاء يذكره بأسئلة الامتحان السيئة، فالأغلبية الساحقة من الاقتصاديين سيقومون بتقديم جواب واحد، فهم يعتقدون أن حالة التدفق الحر لرؤوس الأموال وحالة العمالة جيدة بشكل عام، وأن الوضع التجاري والاقتصادي للمملكة المتحدة أفضل مما كان عليه من قبل ليكون قابلا لزيادة النشاط التجاري من خلال الاتحاد الأوروبي، ولذلك فإنه ليس من المستغرب أن نرى دعم الغالبية لا يزال قائما، فأسئلة الامتحان السيئة تجمع تقريبا الإجابة ذاتها من جميع المشاركين».  وأضاف سكوت أنه عندما نبقى في تجمع واحد، فإننا لن نقلق من القضايا الناشئة التي تعانيها مجتمعات الاتحاد الأوروبي والعالم والتي هي على الأغلب تتمثل في قضية المهاجرين، بينما السؤال الأهم يبقى في كيفية الجمع بين المكاسب الواضحة من عضوية الاتحاد الأوروبي وبين السياسات التي تعمل على تخفيف التكاليف، وبما أن الاستفتاء بات ليس خيارا وإنما البقاء في حالة القرار بالبقاء أو الانفصال، وبذلك فإن النقاش هنا أصبح حزبيا ومتحيزا إلى واحد من الاتجاهات، كما أن خنق ومنع النقاش يبشر سوءا على المستوى السياسي مهما كان التصويت والنتائج. وما يقلق سكوت كخبير اقتصادي من المنظور المهني، هو أن نقاشات الاقتصاديين فيما يخص البقاء أو الانفصال لا تبدو نقاشات عامة، وذلك في الوقت الذي يجب فيه على الاقتصاديين تقديم آرائهم فيما يخص المستقبل الاقتصادي وجوهره الحقيقي، ولكن الرأي الذي تم تقديمه كان في الأغلبية من السكان أو المؤرخين أو الفنانين أكثر منه من الاقتصاديين. وهناك تفسيران محتملان لما نشهده من وجهة نظر سكوت، وهو إما أن الاقتصاديين غير كفؤين ومؤهلين لتقديم آرائهم وإيصالها، أو أن الجمهور لا يثق بهم، وإذا ما أردنا مناقشة النقطة الأولى فهي أن الاقتصاديين لا يتقنون فن إيصال الفكرة وذلك لأسباب متعددة تتمثل في أن ذلك يبعد عنهم التركيز أو أن اللغة الفنية التي يجب عليهم استخدامها لإيصال فكرتهم تعتبر معقدة بالنسبة إليهم أو أن لا أحد سيكترث للمعلومات المقدمة منهم أو لن يفهمها باعتبار أنها تقنية بالمطلق. أما النقطة الثانية وهي أن الجمهور لا يثق بالاقتصاديين وآرائهم، فهو أمر محزن حقًا، فلا يزال الاقتصاديون يحاولون تقديم آرائهم لمصلحة الجمهور وإذا كانوا يعانون مشكلة إيصال آرائهم بالطريقة الصحيحة إلى الجمهور فإن النتيجة الحتمية تفرض توجه الجمهور إلى رأي الأقلية التي تعمل على إيصال صوتها بطريقة ناجحة والابتعاد عن وجهات نظر الاقتصاديين الاحترافية والتوجه نحو غير الاقتصاديين والحصول على آرائهم التي تعتمد على البصيرة ليس إلا. وبالطبع هناك تفسير آخر لما يحدث في نهاية الأمر، برأي سكوت، بعيدًا عن وجهة نظر اقتصادية، فالاقتصاد يملي علينا أن ما نملك منه القليل يعتبر الأكثر قيمة بالنسبة إلينا، وفي عالم تسوده العولمة كما هي الحال في المملكة المتحدة التي تتمتع بسيادة قليلة نسبيا، هل من الممكن أن يكون الانفصال عن الاتحاد الأوروبي وسيلة لإعطاء سيادة أكبر وأكثر قيمة؟  بالنسبة إلى سكوت، يتمحور الاقتصاد حول المبادلات التجارية، وبالتالي فإن الارتفاع التدريجي للسيادة التي ستنتج عن الانفصال عن الاتحاد الأوروبي لا يكفي لتبرير التكاليف الباهظة على المستوى التجاري والاقتصادي، ولعل النقاشات التي يقدمها العالم في الوقت الحالي لا تدور حول التكاليف الاقتصادية وإنما حول القيمة التي ستحصل عليها من المكاسب المفترضة على المستوى السيادي، وهو ما يعتبر أحد النقاط التي يجب تسليط الضوء عليها بشكل أكبر.

مشاركة :