لم يبدأ بعد تطبيق فرض الرسوم الماليَّة على أصحاب الأراضي الشاسعة البيضاء، إلاَّ وفضاءات الصحافة والتواصل الاجتماعي تتناول الآليَّات والوسائل المتنوِّعة التي يمكن تطبيقها للتحايل على تفادي دفع الرسوم المتوقَّعة! انطباعي الخاص أنَّ كثيرًا من وسائل التحايل ستنجح، على الأقل في تعطيل دفع الرسوم، لأنَّ أصحابها سيتظلَّمون، وسيشتكون، وسيحتجون، ومن لجنة إلى لجنة، ومن محكمة إلى محكمة، ومن وزارة إلى وزارة!! وتداولت الصحف مؤخَّرًا نيَّة وزارة الإسكان تشكيل لجنة، أو لجان (احترافيَّة) من المُقيِّمين لتحديد أثمان المساحات البيضاء، ومن ثمَّ مبالغ الرسوم المتوجّبة عليها. ودعوني أُذكِّر بكثرة الشكاوى والاعتراضات التي واجهت لجان تقييم أثمان الأملاك المنزوعة لصالح المشروعات العامة للدولة سابقاً، والتي يستغرق بعضها سنين عددًا، فهل سندخل في الدوامة نفسها؟ البعض يدفع، وآخرون لا يدفعون بحجَّة أن قضاياهم ما زالت منظورة في لجان هنا وهناك. سؤال آخر: هل يمكن الانتقال إلى مرحلة حضاريَّة متقدِّمة لنعمل على الخارطة مباشرة، بدلاً من الشد والجذب الذي ينشأ عن أعمال لجان التقويم، وهي في النهاية مجهودات بشريَّة تتأثر بالضغوط، وقد تستجيب لها رغبةً أو رهبةً؟ لن أمارس الفتوى التنظيميَّة، لكنّي أعلم أن الخرائط الميدانيَّة والجويَّة متاحة ودقيقة وكافية، ويمكن من خلالها تقسيم أيّ مدينة إلى مناطق ومحاور، وتحديد أثمان الأراضي التقريبيَّة على الخارطة اعتمادًا على عوامل معياريَّة واضحة تشمل الموقع والشوارع المحيطة والقيمة التجاريَّة ومساحة الأرض ومدى تضرر المدينة من لونها (الأبيض) وغيرها ممَّا يعلمه ذوو الخبرة. كل ذلك يمكن أن يتمَّ دون الحاجة مسبقًا إلى معرفة أصحاب الأراضي أو عناوينهم. عندها سيعلم صاحب الأرض الشاسعة البيضاء مقدار الرسم المطلوب، ودون الحاجة إلى مماطلات ومماحكات، بل عليه الدفع أولاً على طريقة بعض الشركات طيّبة الذكر، ثم الاعتراض لاحقًا. أمَّا فتح الباب على مصراعيه لاجتهادات اللجان، والاعتراضات عليها، فسيقضي بصراحة على جزء كبير من المصداقيَّة والشفافيَّة التي ينتظرها المواطن. جزء آخر طالما تبنَّاه الصديق العزيز الجوهرجي جميل فارسي، ويتلخَّص في إعادة الأراضي البيضاء ذات المساحات الكبيرة، الممنوحة مجانًا، إلى أملاك الدولة، حتَّى يُسر الجميع زرافات ووحدانًا. salem_sahab@hotmail.com
مشاركة :