توزيع الفرص المتاحة بعدالة أمر مطلوب ومندوب. وهو واجب في نظري إذا كانت المقاليد بيد جهة حكومية رسمية. وقد يجادل أحدنا فيقول إن هذا متحقق على كل حال عبر الآليات المعتمدة في المناقصات الحكومية. ومع ذلك فإن بالإمكان تحسين هذه الآلية وتطويرها لتبدو أكثر عدالة، ولتحقق كذلك وفراً في الإنفاق الحكومي على المشاريع. وهذا مثال عملي من بلد متقدم هو الولايات المتحدة حيث رغبت إدارة مطار سان دييجو في كاليفورنيا إنشاء مركز متكامل لخدمات تأجير السيارات، وبمبلغ 316 مليون دولار، أي ما يقارب 1200 مليون ريال سعودي. وكي تستفيد مؤسسات الأعمال المحلية والمؤسسات الصغيرة، دعت إدارة المطار كل المؤسسات الراغبة في اقتطاع شيء من الكعكة (طبقاً للشروط والمواصفات)، وشرحت لهم رغبتها في توزيع المشروع إلى حزم من المشروعات الأصغر حجماً. وكانت المحصلة أن أوكل إلى المؤسسات المحلية عقود بمبلغ 155 مليون دولار (49%) في حين مُنحت عدة عقود إلى المؤسسات الصغيرة بمبلغ 60 مليون دولار (19%)، وربما ذهب الباقي (32%) إلى مؤسسات أخرى. الشاهد أن بالإمكان إعادة إخراج ترسية المشروعات بطريقة مختلفة تضمن تنوعاً في توزيع الفرص، وفي رعاية المؤسسات الصغيرة حتى تكبر، وفي العناية بالمؤسسات المحلية حتى يعم خيرها المجتمع المحلي فتزداد الوظائف ويتحسن الاقتصاد، وربما توفر شيئاً من المال يُستفاد منه في مشروع آخر. في مشروعاتنا اليوم لا تكاد تعرف مؤسسة عن مشروع إلاّ عبر إعلان في صحيفة يتضمن اسم المشروع فقط لا غير، فلا دعوة لاجتماع يُعقد للتعريف بالمشروع ولا نشرات، بل هو دفتر المواصفات والشروط الذي تصل تكلفته أحياناً إلى 50 أو 70 ألف ريال مع أن معظمها يتراوح بين 5 و 10 آلاف ريال. لكن لا معلومة إلاّ داخل ذلك الكتيب، وكأنه سر عميق في بئر أعمق. ومن أسف أن هذه الطريقة العتيقة لم تنجب في معظم الحالات إلاّ مشاريع متعثرة أو ذات تنفيذ أسوأ من النطيحة والمتردية. وكم من نقد وُجه لنظام المشتريات والمناقصات القائم، وما من حياة لمن ينادي. العالم باستمرار يفكر خارج الصندوق، فلماذا نصرُّ على البقاء داخل الصندوق؟ salem_sahab@hotmail.com
مشاركة :