أبوظبي (الاتحاد) أصدر مشروع «كلمة» للترجمة التابع لهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة كتاب «الأخلاق في عصر الحداثة السائلة» للكاتب الأميركي زيغمونت باومان، نقله إلى العربية الدكتور سعد البازعي وبثينة الإبراهيم. يعد هذا الكتاب واحداً من السلسلة التي خصصها باومان «لتشريح» المشهد العالمي إذا جاز التعبير، فبعد «الأزمنة السائلة» و«الحب السائل» و«الحياة السائلة» و«الحداثة السائلة» يبحث موضوع الأخلاق في الحداثة السائلة والحياة الاستهلاكية التي صارت نمطاً للعصر الذي نعيشه وسمة واضحة له، العصر الذي سُمي «عصر السرعة» بامتياز، ولا تقتصر السرعة على اختصار المسافات في التنقل والتواصل مثلاً بفعل تطور وسائل المواصلات والاتصال، بل صارت سمة ملازمة لعلاقاتنا وذاكرتنا، لتعلّمنا ونسياننا، لتذوقنا للفنون وحتى لمشاعرنا! ويحاول باومان على امتداد فصول الكتاب الستة أن يشرح ما آلت إليه حالنا- نحن سكان الكوكب- التي يبدو أنها متماثلة في سماتها العامة وخطوطها العريضة، فأصبحت الحياة استهلاكية ومستهلِكة في آن معاً، فلكي نجاري ركب «الحضارة»- بمفهومها الضيق الاستهلاكي- لا بد أن نستنزف أنفسنا وطاقاتنا لنشعر بالرضا، مدركين أو غير مدركين أن هذا الرضا نفسه لن يعيش سوى لحظة، وأن الطريق بين المتجر وسلة المهملات لا بد أن يكون قصيراً، فتنبع حاجات أخرى تتطلب الإشباع الذي لن يدوم طويلاً، إنها نوع من الحلقة المفرغة التي لا يعرف لها بداية أو نهاية، نوع من «المنطق الدائري»! وهذا لا ينطبق فقط على الحاجات المعيشية، بل على الأمور السياسية والثقافية والاجتماعية أيضاً.
مشاركة :