أبوظبي: نجاة الفارس تواصلت أمس الأول فعاليات احتفالية مشروع كلمة في ياس مول بمناسبة مرور 9 سنوات على تأسيس المشروع، وذلك من خلال ندوة استضافت الكاتب والمترجم السعودي الدكتور سعد البازعي ناقشت كتاب الأخلاق في عصر الحداثة السائلة لزيغمونت باومن، وأدارت الندوة الكاتبة الإماراتية مريم الساعدي. في البداية شرح الدكتور البازعي الأسباب التي دفعته إلى ترجمة الكتاب بقوله أنا مهتم باكتشاف خصوصيات الحضارات ومنها الحضارة الغربية، ومؤلف هذا الكتاب باومن هو من دارسي الحضارة الغربية وهو يهودي متهم بمعاداة السامية، وقد جذبتني الأطروحة الأساسية في الكتاب، لأنه لا يقدم الحضارة الغربية من الزاوية التي اعتدنا عليها ولكن من زاوية تحلل هذه الحضارة بعمق وبأسلوب قريب من القارئ غير المتخصص. وأضاف أن عنوان الكتاب الأصلي يؤشر إلى سؤال هل للأخلاق فرصة في عالم الاستهلاك؟، وقد ناقشت العنوان مع شريكتي في الترجمة بثينة الإبراهيم، ووجدنا أن كلمة حداثة مستهلكة في العالم العربي فكان أن استقر رأينا على مصطلح الحداثة السائلة، ويقصد بالسيولة هنا أن الحدود القائمة بين كثير من الأشياء لم تعد موجودة، فالدولة السيادية التي تسيطر على حدودها كاملة لم تعد موجودة، فلم تعد هناك دولة مستقلة تماما كما كان في بداية القرن العشرين، مستشهداً بمقولة مؤلف الكتاب ، كل دولة الآن هي مجموعة من الشتاتات، والشرق الأوسط مثال واضح، على سيل البشر والمال والهويات من منطقة إلى أخرى، وهنا يأتي مفهوم الحداثة السائلة في مقابل الحداثة الصلبة. وذكر الدكتور البازعي أن مفهوم السيولة أوضح من مفهوم مصطلح ما بعد الحداثة، كما أن الأخلاق لها دور مركزي في العالم الاستهلاكي وهو عالم الحداثة السائلة، وتشير السيولة أيضا إلى تدفق البضاعة، وتغير القيم، في عصر الإنترنت وتويتر وفيس بوك، وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي، والتي حلت محل الجماعة التي عادة يكون لها هوية واضحة ومحددة، واليوم نجد مئات من البشر بل والآلاف منهم يسمون أنفسهم أصدقاء رغم أن معظمهم لا يعرفون بعضهم بعضا، وهذا مثال آخر للسيولة التي تحدث عنها باومن، فمع الشبكة يستطيع الإنسان أن يقول أي شي وتضيع المسؤولية الأخلاقية. وأوضح أن الكتاب يتألف من 6 فصول لكن الرابط بينها ليس بالقوة التي تربط كتابا بأطروحة واحدة، لأن باومن يناقش موضوعه من زوايا مختلفة، والكتاب عبارة عن عدة مشاهد لعالم واحد، يقول فيه المؤلف إن العولمة أدت إلى ربط العالم بعضه ببعض ونحن جزء من هذا العالم الاستهلاكي. وأضاف أن الحداثة السائلة موجودة كظاهرة نلمسها في كل ما يتعلق بالجانب الأخلاقي، فالبشر يعيشون هذه السيولة في الخمسين سنة الأخيرة لكنهم لم يتأقلموا معها، وما زالت بعض القيم السلبية لم تتغير. وتابع أن الناس في العصر الحالي يعيشون حالة من التشظي الاجتماعي، على سبيل المثال في نيويورك يعيش 75% من السكان بمفردهم في شقة ولا يسكن معهم أحد، هذه الفردية من مشكلات السيولة. وقال البازعي إن باومن يطرح المشكلة ولا يبحث عن حلولها، وما يشير إليه كعلاج أحيانا ليس وصفة جاهزة، إنما يتضمن رؤية تقدم وتساعد على الخروج من الأزمة، أهمها الانفتاح أو انفتاح أوروبا على المهاجرين، ويرى أن العالم سيكون أفضل من دون هيمنة الشركات الكبرى، ويتكئ باومن في ذلك على كانط وحنا أرندت.
مشاركة :