عمر ابنتي 14 سنة ولديها شراهة في الأكل فأصبحت سمينة جداً، وحاولت أن أنظم أكلها إلا أنها صارت تأكل بالليل بعدما ننام او تأكل في غرفتها، وزاد عنادها ورفضت أن نأخذها لأخصائية تغذية أو طبيب، فأرجوك ساعدني لعلاج مشكلتها. أم رنيم أختي أم رنيم دعواتي لك ولكل أم صابرة بالأجر والمثوبة، وأوافقك أن بعض أبنائنا قد يتحول الى مصدر قلقنا على صحته ومستقبله ولكن إن شاء الله لا يكونون سبب عذاب فاستبشري بالخير. سأقترح عليك اقتراحين، الأول التواصل على بريدي الإلكتروني الموجود في أعلى الصفحة وسأبحث معك طرقا عملية لمساعدتها. والثانية سأوضح لك وللقراء الكرام مجمل المشكلة التي يعاني منها الكثيرون سواء مراهقين أو شباب أو حتى بالغين رجال ونساء وهي لدى النساء أكثر بكثير وقد يكون للوراثة دور في حدوثها. هذه الحالة تسمى الشره العصبي الانفعالي (Bulimia Nervosa)، وهي حالة مرضية نفسية غذائية تحتاج لعلاج من الطبيب النفسي وأخصائية التغذية العلاجية، بمعنى أن البعض لا يستجيب للنصائح ولهذا قللي قلقك فهو يزيد المشكلة تعقيداً. وللتوضيح هناك مرضان نفسيان مشهوران أحدهما يسمى فقدان الشهية العصبي (Anorexia Nervosa) ويؤدي بالشخص الى نحافة شديدة وسوء تغذية والمرض الثاني هو الشره العصبي الانفعالي الذي ربما تكون ابنتك مصابة به، وهو اضطراب يتضمن تناول كميات كبيرة من الأكل في وقت قصير استجابة للمشاعر والأحاسيس السلبية وليس للجوع، وبعد فترة يتطور حتى يكون عادة تتحكم فيه فيفقد المريض سيطرته على الوزن فيتناول كميات كبيرة من السكريات والدهون، وقد يصاب البعض بحالة تشبه «نوبة الأكل» بأن لا يهتم المريض بطعم أو رائحة أو شكل الأكل ويفضل أن يأكل في مكان منعزل بعيد عن الآخرين لكي يستطيع تناول الأكل بنهم غريب وربما لا يعرف ماذا أكل المهم ألا يتوقف عن الأكل حيث يجد فيه مهرباً وملهياً عن وضعه النفسي السلبي، ويتبع نوبة الأكل والشرب حالة من المزاج المكتئب وتقليل من قيمة الذات، وفي حالات كثيرة تحدث محاولات للتخلص من ذلك الأكل بالتقيؤ بإدخال الإصبع في داخل الفم وباستخدام المسهلات. من أسباب هذا المرض المرور بتجربة مؤلمة مثل فقد أحد الأقرباء أو الأصدقاء أو الشعور بالفشل في الدراسة أو العمل أو العلاقات الأسرية وغالياً يزيد مع التوتر الأسري والشعور بالإحباط ويكثر في الفتيات اللاتي يرين أنفسهن أجمل من غيرهن فيتضخم عندها ذلك الشعور ويتحول لهاجس مقلق على الوزن ولكن للأسف يحدث الانتكاس بعد محاولات يائسة لتبدو أجمل من الأخريات وأحيانا تحدث الحالة عندما تشعر الفتاة بالفشل في انقاص وزنها والوصول للرشاقة فعند تذبذب الوزن في فترات متكررة يحدث الانتكاس والرغبة بالانتقام وايقاف الشعور بالحرمان. فأعراض المرض تبدأ عندما يشعر الشخص بهوس الوزن بحيث يكون الوزن هاجسه الأول فيحسب السعرات ويشعر بتأنيب الضمير عندما يأكل السكريات ولكنه يكرر التهام الأكل ثم يحدث له تأنيب أكثر وهكذا. لهذا لا ننصح أبداً باتباع حميات قاسية مهما كان ونؤكد أنها غير صحية ولا ينصح بها إلا غير المختصين. إذا لاحظتي أن ابنتك تذهب للحمام بعد تناول الأكل أو يحدث لها بحة في الصوت فهذا دليل أنها تستفرغ بنفسها ولو استمر هذا الأمر معها لأدى الى التهاب المريء والفم وتسوس الأسنان وآلآم في المعدة وتوقف الدورة الشهرية وتكرار الدوخة. علاج المشكلة: يبدأ بالعلاج المعرفي السلوكي من خلال طبيبة أو أخصائية نفسية بمساعدة أخصائية تغذية علاجية متخصصة في هذه الأمراض ويحتاج الشخص لعدة جلسات مابين 10-20 جلسة حيث لا يجب الاستعجال في تقديم العلاج وإنما يتدرج المعالج بإشعار الشخص بالراحة النفسية لتقبل التوجيهات ثم تخليصه من المفاهيم الخاطئة عن نفسه ثم يستهدفون السلوكيات الغذائية غير الصحية و الأفكار السلبية وكسر دائرة النهم والاستفراغ والخروج من هذه الحلقة المفرغة و استعادة أنماط الأكل العادي وتجنب المواقف النفسية التي تؤدي إلى هذه الحالة، ومحاولة اقناعها بالتعامل مع التوتر بطرق أخرى غير الطعام، والمرحلة الثانية من العلاج تركز على تحفيز النفس و تغيير المعتقدات حول الوزن المثالي و شكل الجسم و اتباع نظام غذائي متوازن، والمرحلة الثالثة هي معالجة القضايا العاطفية وعلاج مشاكل العلاقات الأسرية والصديقات والقلق والاكتئاب، وانخفاض احترام الذات، والشعور بالعزلة و الوحدة، وقد يحتاج الطبيب لاستخدام أدوية مساعدة مثل مثبطات استرجاع «السيروتونين» الانتقائية. أختي الكريمة، بالتأكيد سترفض ابنتك الذهاب للطبيبة لأنها لا تريد أن يعرف حتى أقرب الناس عنها أنها مريضة نفسياً فهي ستنكر أن لديها مشكلة تماماً، ولكن عليك اتباع سبل غير مباشرة لاقناعها بزيارة الطبيبة دون علم الآخرين، وإن كانت إحدى صديقاتها تعرف وضعها فيمكن الاستعانة بها سراً لاقناعها وربما الذهاب معها. وسلامتها من كل شر..
مشاركة :