نطاقات الموزون والسعودة الوهمية

  • 7/2/2016
  • 00:00
  • 264
  • 0
  • 0
news-picture

لا شك أنَّ كثيراً من موظفي القطاع الخاص كانوا يترقبون تطبيق نظام (نطاقات الموزون) الذي صرحت وزارة العمل بأنَّه سيكون أحد الحلول المهمة في زيادة جودة التوظيف، فوجود ما يقارب المليون سعودي تقل رواتبهم عن 3500 ريال يُشير إلى أنَّ هذا القطاع ممتلئ بالسعودة الوهمية وبكثير من تلاعب الشركات، بحيث كان ولا بد من القيام بخطوة تصحيحة جريئة، غير أنَّ المفاجأة أنَّ نظام نطاقات الموزون تضمن ذات المشكلة الموجودة في نسخته السابقة، وهي عدم اشتراط نسبة أدنى لكامل أجور السعوديين مقابل إجمالي أجور المنشأة، وبالتالي فإنَّ القيم النقطية التي فرضتها وزارة العمل لمجموعة المعايير التي وضعتها ستسهم في ارتفاع تقييم الكيان وليس في ارتفاع جودة التوظيف، هذا علاوةً على أنَّ حساب متوسط أجور السعوديين يتم من خلال قسمة مجموع رواتبهم على عددهم، وهذا النوع من الحساب يتجاهل حذف القيم الشاذة ويؤدي بالنتيجة إلى متوسط غير عادل لا سيما في الشركات الممتلئة بالسعودة الوهمية. نظام نطاقات الموزون له خمسة معايير يشكل كل واحد منها قيمة نقطية، وبناءً على مجموع النقاط يحدد نطاق المنشأة وحاجتها لتوظيف السعوديين أو زيادة أجورهم من عدمه، كل ذلك بعد أن يُحدَّد كيان الشركة حسب فئات تم تحديدها من الوزارة، هذه المعايير الخمسة هي نسبة التوطين، نسبة النساء السعوديات، متوسط بقاء السعوديين بالسنوات، متوسط الرواتب للسعوديين ونسبة السعوديين من ذوي الرواتب المرتفعة، وكما هو ملاحظ فإنَّ أي متأمل ربما يجد للوهلة الأولى أنَّ في تطبيق هذه المعايير تصحيحاً كبيراً على مستوى توظيف السعوديين الحقيقيين مقابل الوهميين، بينما النتيجة لا أعتقد أنها ستكون كذلك، ذلك أنَّ الموظف السعودي صاحب الأجر المرتفع وعدد سنوات الخدمة الأطول ستزداد قيمته النقطية، وسيدعم نطاق الشركة المملوءة بالسعودة الوهمية، بما يجعلها غير مضطرة للتوظيف الحقيقي، بينما الموظف الأجنبي لا يمثل ارتفاع راتبه سبباً في زيادة قيمته النقطية، وهذا ما يجعل نسبة إجمالي رواتب السعوديين إلى غيرهم شاسعة، النظام راعى فقط رواتب الأجانب المرتفعة بينما هناك رواتب لا تصنف على أنها مرتفعة، وهي مستحوذة من غير السعوديين، وهي التي يستهدفها السعوديون بالطلب، وكان الأمل من نطاقات الموزون أن يحفز المنشآت على التوظيف الحقيقي في هذه المهن تحديداً. السعودة الوهمية التي تمثل مشكلة من المشكلات الوطنية المهمة يمكن اكتشافها ببساطة من خلال تقرير التأمينات الاجتماعية الذي يوضح إجمالي الأجر، فهذه الشريحة تقل عادةً رواتبها عن 3500 ريال، وهي تشكل لدينا في المملكة وفي إحصائية تعود إلى الشهر الخامس من 2015 ما نسبته 55 % من إجمالي السعوديين وبإجمالي عدد يبلغ 927 ألف موظف وموظفة، وهذا العدد يوضح حجم المشكلة بشكل يمنح أي مسؤول قدرة على فهم خطورة الوضع. نظام نطاقات الموزون وإذا أردنا بالفعل أن نحكم عليه بالنجاح أو الفشل ينبغي لنا أن نراقب مستقبلا وبشكل مستمر تقارير التأمينات الاجتماعية ومدى التغير في أعداد هذه الشريحة، ولا أظن أنني سأكون متشائماً حينما أتوقع أنَّ تلك التقارير ستؤكد مع مرور الزمن عدم وجود تغير لافت في شريحة السعودة الوهمية، وكل ذلك بسبب بسيط جداً كان ينبغي على الوزارة أن تراعيه وهو راتب الموظف الأجنبي، فمثلما تزداد قيمة السعودي النقطية عندما تنطبق عليه المعايير السابقة، ينبغي بالحد الأدنى أن ترتفع القيمة النقطية للأجنبي بناءً على معيار الراتب، وهذا لو تم فسيعني أنَّ نسبة أجور السعوديين ينبغي أن ترتفع في المنظمة، وبالنتيجة فإنَّ الشركات ستكون مخيرة بين منح الوهميين رواتب عالية وبين التوظيف الحقيقي، ولا شك حينها أنها ستلجأ للتوظيف الحقيقي، أتمنى جداً من وزارة العمل النظر في إضافة معيار سادس يعنى بالقيمة النقطية لراتب الموظف الأجنبي، بحيث يراعى نسبة أجور السعوديين إلى إجمالي أجور موظفي الشركة، هذا الفرض هو كما أراه أحد خيارات التصحيح المهمة لصناعة سعودة حقيقية، أما دون ذلك فلا أظن أن شيئاً مميزاً سيحدث.

مشاركة :