أكد الباحث في مجال استشراف المستقبل، سليمان الكعبي، أن دولة الإمارات العربية المتحدة تعد من أولى الدول التي شكلت وزارة خاصة بالمستقبل واستشرافه، معتبراً أن الإمارات باتت، بفضل خطواتها في هذا المجال، بمثابة حاضنة وقاعدة لاستشراف المستقبل في الوطن العربي. وقال الكعبي إن الإمارات وضعت خططاً لابتعاث الطلبة المواطنين لدراسة استشراف المستقبل لإيجاد كوادر وطنية، وأشار إلى قيامه بتنظيم دورات ومحاضرات تثقيفية للمبتدئين والمحترفين في هذا المجال للإسهام في نشره، إلى جانب التواصل مع وزارة التعليم لتقديم مواد مناسبة لإدراج «استشراف المستقبل» ضمن المناهج الدراسية للمدارس الثانوية والجامعات، وتدريب المعلمين على التحول من الفكر التقليدي إلى الفكر الاستشرافي وتدريب الطلبة على ذلك، معرباً عن سعيه لتأسيس جمعية لاستشراف المستقبل في الإمارات، لتكون الأولى من نوعها في العالم العربي. كما وصف الدراسات المستقبلية، أو استشراف المستقبل، بالضرورة الملحة في العصر الحالي، نظراً إلى التغيرات المتسارعة والبيانات المتضخمة والأحداث المتداخلة والمتلاحقة والتطلعات المتزايدة والملحة. تجربة نوعية وصف الكعبي تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة بالنقلة النوعية على مستوى الابتكار، لافتاً إلى أن ما تقوم به من إجراءات وخطوات، يجعلها سباقة في تطبيق ما يخص استشراف المستقبل، لتصبح مؤسسات الإمارات هي المنتج للخطط والرؤى المستقبلية، والمرجع للعديد من مؤسسات وحكومات المنطقة في استشراف المستقبل. ■ مقولتا محمد بن راشد «الكثيرون يتنبؤون بالمستقبل.. نحن نصنعه» و«المستقبل لا ينتظر المترددين»، ألهمتا الكعبي فكرة كتابة موسوعة معرفية علمية بعنوان «استشراف المستقبل». ■ استشراف المستقبل يتضمن ست خطوات، تبدأ من تحديد أهداف الدراسة وصولاً إلى وضع الخطط الاستراتيجية، وللاستشراف أدوات تزيد على 36 أداة تتغير وفقاً للموضوع. وتطرق مؤسس ورئيس مجلس إدارة مؤسسة استشراف المستقبل، خلال الأمسية التي نظمتها جمعية الصحافيين في أبوظبي، وقدم لها الكاتب والمسرحي صالح كرامة، إلى تعريف استشراف المستقبل، مبيناً أنه القدرة على معرفة ما قد يحدث في المستقبل، وأوضح أن الاستشراف يختلف عن التنبؤ، فالاستشراف يهدف إلى رؤية التحديات المستقبلية التي يمكن أن تصادف المؤسسة أو الدولة أو الجهة التي تقوم بالاستشراف، وتجنب هذه التحديات أو وضع الحلول لها، كذلك أوضح أن هناك فرقاً بين استشراف المستقبل والتخطيط الاستراتيجي، فالأخير يعد جزءاً من الاستشراف ويأتي بعده، ويكون لفترة زمنية تراوح بين ثلاث وخمس سنوات، أما الاستشراف فيبدأ من 10 سنوات وما فوق. وأشار أن استشراف المستقبل يتضمن ست خطوات تبدأ من تحديد أهداف الدراسة وصولاً إلى وضع الخطط الاستراتيجية، وللاستشراف أدوات تزيد على 36 أداة تتغير وفقاً للموضوع، مثل وضع السيناريوهات، ونظرية التفتيت، والمحاكاة، ولعب الأدوار، وغيرها، لافتاً إلى أن معظم خطط استشراف المستقبل في العالم العربي تبدأ من الخطوة الرابعة وتتجاهل الخطوات الثلاث الأولى، وهو ما قد يؤثر في دقة الاستشراف. وقال الكعبي إن مقولتَي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي: «الكثيرون يتنبؤون بالمستقبل.. نحن نصنعه»، و«المستقبل لا ينتظر المترددين»، ألهمتاه فكرة كتابة موسوعة معرفية علمية، بعنوان «استشراف المستقبل»، بهدف إثراء المكتبة العربية لعلوم الاستشراف والترويج لثقافتها في الوطن العربي. وعن الموسوعة؛ أوضح أنه خلال بحثه في مجال الاستشراف وجد نقصاً كبيراً في المعلومات والأبحاث المتوافرة عنه باللغة العربية، فمعظم المتاح يتضمن سرداً مرسلاً تغيب عنه المصطلحات والأكاديمية، وبعض المصطلحات الموجودة تمت تُرجمت وفُسرت بطريقة خاطئة، ولذلك فكر في تقديم معجم يضم الكثير من المصطلحات والمفاهيم المرتبطة بهذا العلم. حيث تضم «موسوعة استشراف المستقبل» معاني 386 مصطلحاً علمياً مستقبلياً، تم ترتيبها ترتيباً أبجدياً بشكل يساعد القارئ على الوصول لمبتغاه بسهولة، موضحاً أن الفصل الأول من الموسوعة يحمل عنوان «استشراف المستقبل»، يتناول أبرز المصطلحات المتداولة في دراسات الاستشراف الاستراتيجي للمستقبل، التي تمثل ركيزة أساسية للخوض في دراسات هذا المجال، ما يسهل على الباحثين والأكاديميين الإقبال على المراجع الأجنبية التخصصية، لينهلوا منها بحسب موضوعاتهم واحتياجاتهم، أما الفصل الثاني «عالم المستقبل»، فيسلط الضوء على آفاق المستقبل البعيد، ليعطي لمحة موجزة عما سيكون عليه المستقبل، كما ذكر أنه يقوم حالياً بالعمل على إصدار كتابه الثاني في هذا المجال. وذكر الكعبي أن أهمية الاستشراف ترجع إلى كونه يساعد على إعادة النظر في المشكلات والقرارات المتخذة من خلال استخدام قدر هائل من المعلومات، أو ما يسمى بالبيانات الضخمة، كما يتعامل الاستشراف مع الخلافات في وجهات النظر، لكونها نقطة قوة، ويؤدي تطبيق الاستشراف المستقبلي إلى تحسين مستوى التعلّم في المؤسسات، ويعمل الاستشراف على تعميق إدراكنا للمستقبل في البيئة الخارجية التي نعيش فيها (العالم)، حيث تدرك معظم المنظمات بعض الجوانب المستقبلية المرتبطة بمجالات أعمالها، ما يمنح المحللين أو صناع القرار أو غيرهم من أصحاب المصالح تلك الآلية المحددة لاستكشاف الجوانب المستقبلية معاً، والتوصل إلى طرق للتعامل مع هذه الجوانب.
مشاركة :