غالبية شبابنا يعتقدون أنَّ مستقبلهم الوظيفي يتمُّ بحصولهم على شهادة جامعيَّة، تمكِّنهم من الحصول على وظيفة بكل يسر وسهولة، وأنَّ سوق العمل في القطاع الخاص يضمن لهم الوظيفة بعد تخرُّجهم من الجامعة، مرجعًا ذلك للثقافة السائدة في مجتمعنا.. لا نلوم شبابنا على ذلك لقصور في برامج التوعية لدينا، كان الواجب علينا إدخال مناهج التربية المهنيَّة ضمن المناهج التعليميَّة في المراحل الأولى من التعليم، حتى يتمكَّن الطالب والطالبة من معرفة الجوانب المهنيَّة، ومن ثمَّ تكون له ميول لدراستها، كما تفعل معظم دول العالم المتقدِّم، حيث يعلم الأبناء من الصغر كيف يتجهون للأعمال التقنيَّة والمهنيَّة، وينمي الوعي لديهم. سوق العمل لدينا واعد لخرّيجي الكليَّات والمعاهد التقنيَّة والمهنيَّة، ويستوعب جميع الخرّيجين بعد تأهيلهم وتدريبهم، ولا يحتاج إلاَّ لبعض التخصُّصات لخرّيجي الجامعات كالطبِّ، والهندسة، والإدارة، والاقتصاد، والصيدلة، والحاسب الآلي، والعلوم التقنيَّة على سبيل المثال، ولا تستطيع الدولة استيعاب وتوظيف جميع الخرّيجين الجامعيين مستقبلاً، كلُّ المؤشِّرات تشير لذلك؛ كون الدولة لديها فائض كبير في عدد العمالة، حيث يمثِّل الباب الأول للميزانيَّة عبئًا عليها، للمبلغ الضخم الذي يُدفع كرواتب لموظَّفي الدولة ما يقارب نصف ميزانيَّتها، وهذا لا يكون مقبولاً مستقبلاً. حيث المطلوب -كما هو سائر في الدول المؤسَّساتيَّة- أن لا يزيد بند الرواتب عن 25% من ميزانيَّة الدولة. أنصح شبابنا من حَمَلَة الشهادتين المتوسطة والثانويَّة، الباحثين عن مستقبل أفضل، ودخل ماليّ عالٍ التوجّه للكليَّات والمعاهد التقنيَّة للمؤسَّسة العامَّة للتدريب التقني والمهني، فلديها خطَّة للتدريب على المديين القصير والطويل، بالإضافة إلى برامج تدريبيَّة حكوميَّة تقوم المؤسّسة بتنفيذها حسب مستويات التأهيل والتدريب، وتشمل كليَّات إعداد المدربين، والمدربات، وهي كليَّات تؤهل حملة دبلوم الكليات التقنيَّة والمعاهد العُليا التقنيَّة للبنات ليكونوا مدرّبين بدرجة البكالوريوس. المعاهد المهنيَّة الصناعيَّة تقدِّم التدريب التقني ما فوق الثانويَّة، والتدريب المهني ما دونها، بالإضافة إلى معاهد التدريب العسكري المهني، وهو برنامج مزيج بين التدريب المهني، والتدريب العسكري يتمثَّل في تقديم التدريب التقني للشباب في بيئة عسكريَّة، يُمنح المتدرب خلال التحاقه مكافأة شهريَّة ويؤمَّن له السكن والإعاشة، مع إمكانيَّة التعيين بعد التخرُّج، بالإضافة إلى معاهد التدريب الأهليَّة، التي تقدِّم المؤسّسة الدعم المادي والمعنوي لها، ومعاهد التدريب المشتركة والمتخصِّصة غير ربحيَّة، وهناك برنامج تدريبي تقوم المؤسّسة بتنفيذه، بالتعاون مع وزارة العمل، وصندوق تنمية الموارد البشريَّة، والغرف التجاريَّة، ويهدف إلى التدريب المرتبط بالتوظيف في منشآت القطاع الخاص، كما صرَّح بذلك عددٌ من المسؤولين في وزارة العمل. الكليَّات والمعاهد التقنيَّة والمهنيَّة لديها أكثر من 70 تخصُّصًا من سباكة، كهرباء، ميكانيكا سيَّارات، والبناء، والتقنيات والإلكترونيَّات، مَن أكمل الدراسة بعد عامين تقبله الجامعات، التي تدرس مجاله التطبيقي إذا أراد إكمال دراسته، وهناك برامج للبنات مثل التزيين النسائي، والتصوير الفوتوغرافي، وتصميم الذهب، ودورات إعلاميَّة وغيرها، ويتمكَّن مَن أكمل الدورة من العمل الحر، والحصول على قرض من بنك التسليف؛ لفتح محل تجاري كمشغل نسائي، أو محل تصوير، وكذلك الشباب بإمكانهم فتح ورش بجميع أنواعها بحسب التخصُّص كورش ميكانيكيَّة للسيَّارات، وأعمال النجارة، وغيرها. إن الحصول على شهادة، من أجل التوظيف ليست كافية، فإجادة عمل المهنة مطلب رئيس، فكونوا حريصين، فالتحوُّل الوطني، والاستثمار الداخلي والأجنبي يتطلَّب أيدي مهنيَّة مؤهَّلة. Hussain1373@hotmail.com
مشاركة :