كعك العيد.. ثيمة الفرح عند المصريين

  • 7/7/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

خورشيد حرفوش (القاهرة) مشهد يتكرر سنوياً في الأسبوع الأخير من رمضان معبق برائحة «كعك العيد» المنبعثة من أفران الخبز والحلويات، ولاسيما في الأحياء الشعبية من مدن القاهرة أو عواصم المحافظات، أو حتى بيوت القرويين في جميع أنحاء مصر، فكعك العيد ظاهرة متأصلة في الموروث الشعبي المصري، فالجميع يحتفل بالعيد بأكله، ليبقى الراعي الرسمي للأعياد الدينية في مصر. وبحسب الدكتور نصر أحمد شاكر، الباحث في التاريخ والتراث الشعبي، فإن الفراعنة هم أول من صنع الكعك وقدموه في أشكال كثيرة مصنوعة من عسل النحل والتمور، ووجدت رسوماته محفورة على مقابر المصريين القدماء، كما اعتادت زوجات الملوك تقديمه للكهنة القائمين على حراسة الأهرام في يوم تعامد الشمس على حجرة خوفو، كذلك اكتشفت صور لصناعة كعك العيد تفصيلياً في مقابر طيبة ومنف، من بينها صور تشرح أن عسل النحل كان يخلط بالسمن، ويقلب على النار ثم يضاف على الدقيق ويقلب حتى يتحول إلى عجينة يسهل تشكيلها وأحياناً كانوا يقومون بحشو الكعك بالتمر المجفف المعروف الآن باسم «العجوة». ويتابع «استمر الاحتفال بالأعياد في العصور التالية بصناعة الكعك وأكله، ففي عصر الدولة الطولونية كان يصنع الكعك في قوالب خاصة مكتوب عليها، كل واشكر مولاك». وفي عصر الإخشيدي، أصبح من أهم مظاهر الاحتفال بعيد الفطر، كما زين بالدنانير الذهبية أوحشوه بها كي تكون مفاجأة لآكله، وعرفت باسم «افطن له»، أي انتبه للمفاجأة التي فيه، ثم تحريفه إلى اسم «أنطونلة»، التي تعد أشهر كعكة ظهرت في العهد الإخشيدي. أما في زمن الدولة الفاطمية فقد تم لأول مرة تخصيص 20 ألف دينار من خزينة الدولة لعمل 60 صنفاً من الكعك»، مشيراً إلى أن المصانع كانت تتفرغ لصناعته من منتصف شهر رجب، وكان ينقش عليه عبارات التهنئة ومبايعة وتهنئة الخليفة الفاطمي، الذي كان يتولى توزيعه بنفسه، كما أنشئت في عهده «دار الفطرة» كأول دار لصناعة الكعك في مصر». ويوضح أنه في أيام الدولة الأيوبية، حاول صلاح الدين جاهداً القضاء على كل العادات الفاطمية، لكنه فشل في القضاء على هذه العادة، بعدها اهتم المماليك أيضاً بصناعة كعك العيد وتقديمه إلى الفقراء والمتصوفين، وتهادوا به في عيد الفطر، ومن ثم ارتبطت صناعة الكعك بفرحة الناس في أيام العيد إلى اليوم. ملامح التغير يقول الحاج مصطفى الصعيدي، صاحب أحد مخابز الحلويات، إن الكعك من أهم مظاهر الاحتفال بعيد الفطر على وجه التحديد، ورغم ظروف الغلاء، يظل الناس يقبلون على شرائه أو صناعته في البيوت، مشيراً إلى أن الاختلاف في تكلفة تصنيعه يكون حسب نوعه، وحشوه بالمكسرات، أو الملبن، أو التمر أو غير ذلك، فضلاً عن وجود تركيبات يدخل فيها الشيكولاتة والفواكه وغير ذلك، موضحاً أن كل فئة تشتري النوع الذي يناسب دخلها. وتقول السبعينية كامليا شعير «كيف نقضي العيد من دون كعك؟ إنه عادة لا غنى عنها في عيد الفطر». وتضيف: «قديماً كانت النسوة في العمارة الواحدة تتجمع في ليالي العشر الأواخر من رمضان في إحدى الشقق لعمل كعك العيد، وعادة كنا نحشوه بالملبن أو التمر أو الزبيب والمكسرات، وكانت جلسات سمر يومية تبدأ بعد صلاة التراويح وتمتد إلى قبيل الفجر، ثم نستخدم فرناً واحداً عند أي واحدة منا، أو نجمع الصواني التي يرص عليها الكعك، ونذهب بها إلى المخبز الموجود في الحي»، مشيرة إلى أن الأفران كانت تعمل طيلة ساعات اليوم والنهار. وتستدرك: «اليوم وبعد ارتفاع التكاليف، وانشغال الأمهات بالعمل لم يعد لديهن وقت، فمعظمهن يستسهل شراء الكعك الجاهز». وتقول جميلة شلبي (ربة بيت) إنه رغم ارتباط الكعك بعيد الفطر أكثر من عيد الأضحى، فإن الكعك اقترن بالأفراح والحفلات، وعادة ما كان يوزع على البيوت في صعيد مصر والريف بعد زواج أحد أبناء القرية، من ضمن طقوس «الصباحية» (صباح اليوم التالي للزفاف)، وكان يصنع بالطريقة التي يعد بها في العيد.

مشاركة :