• قديماً كان يقال « اذا أردت معرفة مستوى وعي أمة ، فانظر الى صحافتها « ، فمن خلال ما تقوله الصحف وما لا تقوله؛ تستطيع معرفة الكثير عن حياة أي شعب ودرجة تعليمه ووعيه وثقافته . اليوم ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي (التي ابتلعت الصحف في بطنها) يمكن تحوير العبارة السابقة لتكون أداة القياس هي تويتر وأخواتها من وسائل التواصل ، التي أصبح الجميع - المثقف والجاهل وما بين البينين - يدلي بدلوه في آبارها و( يشخبط )على جدرانها ! . • في السعودية ، لا صوت يعلو فوق صوت تويتر ، فهو ( الطير الأخضر ) الذي يهمس بالأخبار في آذانهم ، وهو المجلس الذي يفضفضون فيه همومهم ومشاكلهم .. ومع اعترافنا بفضل هذا الطائر في رفع مستوى التواصل بين الناس إلا أن الملاحظ أن (هاشتاقات ) الترند السعودية بات يغلب عليها السخف و(الهذرة ) و( طق الحنك ) ، فهاشتاقات من نوع (هل تتزوج فتاة تاكل رز ) و ( متى آخر مرة أكلت فيها تونة ) تجتذب الآلاف رغم ضحالتها ، وتتفوق على كل الاجتهادات الفردية (الخجولة) لبعض أدبائنا وخبرائنا ومثقفينا ، ناهيك عن (هاشتاقات) الطأفنة والدعشنة والتفكيك والإحباط التي زادت طين التطرف والإرهاب بلة ! • وبما أننا و( على حد علمي وحلمي أيضاً ) نملك وزارة للثقافة فإنني أعجب من صمتها وعدم تدخلها ( رغم سهولة الأمر ) من أجل تصحيح مسارات وسائل التواصل وعقلنتها ، ليس بالمنع والاجبار طبعاً، بل بالمشاركة الجاذبة والمفيدة ، ودعم المفكرين والأدباء والمثقفين الحقيقيين وتشجيعهم على النزول الى ساحات التواصل ، والمساهمة في تهذيب الذوق العام من خلال تدخل ( واعٍ ) وراقٍ ، في زمن صار فيه تويتر وسناب شات هي من تشكل ثقافة ووعي وذوق ووجدان الناس !. • اللافت أنه في الوقت الذي أدرك فيه بعض رجال الأعمال أن ( المنهل العذب كثير الزحام ) وصاروا يوجّهون الذوق العام لسلعهم ويؤسسون لثقافة استهلاكية ترفع من أرباحهم .. نجد أن وزارة التعليم ؛ ووزارة الشئون الإسلامية يشاركان الإعلام هذا الغياب رغم ارتفاع وتيرة صوت (الإلحاد) عند البعض خصوصاً في شهر رمضان المبارك ! • لو وجهت وزارة الاعلام (عُشر) ما يُصرف على قنواتها التلفزيونية نحو قنوات تويتر وسناب شات ، وشاركتها في هذا وزارتا التعليم والشؤون الإسلامية ، فان ذلك كفيل برفع الوعي العام ومحاربة الكثير من الأفكار الضالة والثقافات الهشة .. حينها .. وحينها فقط لن يجد صاحب السؤال السخيف « هل تتزوج فتاة تأكل رز « من يلتفت اليه ، فضلاً عن أن يجيب على سؤاله ؟! m.albiladi@gmail.com
مشاركة :