هل أنت مختلف أم متخلّف؟! | محمد بتاع البلادي

  • 10/1/2014
  • 00:00
  • 14
  • 0
  • 0
news-picture

* التناغم والتوافق مع عصرنا الذي يتسم بالتبدلات السريعة والمتلاحقة، لا يعني بالضرورة التخلي عن الثوابت والقيم الإنسانية.. هكذا تبدو الأمور بالنسبة لي على الأقل.. فمن الخطأ اتّباع الآخرين لمجرد الانسياق خلف الظواهر، أو لكي نبدو متناسقين مع محيطنا، دون أدنى اعتبار لاصطدامنا بثابت ديني، أو أخلاقي، أو حتى إنساني. * المؤسف أنه على الرغم من نسبية ثنائية (التخلف/ التقدم)، إلاّ أنها أصبحت سلاحًا يستخدمه البعض لهدم الثوابت والأخلاق، وإرهاب معتنقيها، ودفع ثقافتنا نحو مزيد من الهبوط والانحدار!! ربما لأن بعض الأمم لازالت ترمينا بهذه الصفة لاعتبارات عدة، فانتقلت العدوى إلينا وأصبحنا نتقاذف التهمة فيما بيننا بشكل مضحك وساذج، حتى أنك لتجد المثقف والجاهل وما بينهما يستخدمون مفردة (التخلّف) كعصا -دون جزرة- للترهيب والتأثير على من يخالفهم الرأي تارةً، ولضرب كل من لا يشاركهم التوجه والفكر والتصرّف نفسه تارات أخرى!. * عندما اجتاح الفكر الشيوعي منطقتنا العربية في خمسينيات وستينيات القرن الماضي كان أصحاب هذا الفكر الجديد -آنذاك- ومن تولوا كبرهم من مثقفي العرب وعوامهم يطلقون على آحادهم لقب (تقدمي)!، ولأنهم تقدميون -كما يزعمون- فلا بد بالمقابل أن يكون كل من خالفهم (رجعيون) متخلفون! فأين هم التقدميون الآن؟! وكيف أصبحت أطراف المعادلة اليوم؟ الإجابة مشاهدة، ولا تحتاج كثير عناء، فبعد تبدل المواقع في لعبة (التخلف/ التقدم) التي أراها أشبه ما تكون بلعبة (الكراسي الموسيقية) وبعد أن تفردت الرأسمالية بالكون كله، أضحى (رجعيو) الأمس هم من يمثلون قمة التحضر!! أمّا (تقدميو) الماضي من الاشتراكيين والشيوعيين ومن لفّ لفّهم، فقد ألقاهم التاريخ إلى حيث ألقت رحلها أم قشعم! لكن اللافت هنا أن الثوابت الدينية والأخلاقية والإنسانية بقيت صامدة متماسكة في خضم هذا التعارك الأزلي بين الأيدلوجيات حتى وإن أبعدتها حضارة أو قربتها أخرى. * إن كان هناك ما هو أنكى من (التخلف) وأشد فتكًا، فهو الخوف منه، وما ينتج عنه من (فوبيا) تحوّل المصاب إلى حالة دائمة من الهلع والاهتزاز والتبعية، وهذا ما يمكن مشاهدته بوضوح في سلوكيات بعض الشباب والشابات الذين دفعهم الخوف من الاتهام بالتخلّف إلى الانقياد طوعًا أو كرهًا إلى الثقافة الغالبة بكل سلبياتها وخطاياها، وارتكاب أفعال وحماقات قد لا يكونون من المؤمنين بها! * الاختلاف لا يعني التخلف أبدًا، فالأشياء لا تتمايز إلّا بأضدادها.. واختلافك إن كان مبنيًّا على مبدأ وقناعة هو أكبر ما يميّزك عن أتباع سياسة القطيع، وهذا ما يجب أن يكون مدعاة فخر لا نقيصة. * المجتمعات الحرة هي التي لا يخشى المرء فيها أن يكون مختلفًا عن الآخرين.. المهم أن تكون مقتنعاً بمبادئك وثوابتك، متصالحًا مع ذاتك.. عندها لن يضيرك اتهام أحد أفراد القطيع لك، فهؤلاء يكفيهم من السوء أنهم مجرد قطعان لا تفكر. m.albiladi@gmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (61) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :