تستعد قوات المعارضة السورية لإعادة فتح خطوط الإمداد إلى حلب و«إنقاذ المدنيين المحاصرين» في داخلها، بعد تقدم النظام الذي أحكم أمس الحصار على الأحياء الشرقية الخاضعة لسيطرة المعارضة في المدينة، وهو ما دفع قوات المعارضة لإعداد خطة عسكرية يبدأ تنفيذها اليوم الاثنين. وقال مصدر عسكري بارز في «جيش الفتح» لـ«الشرق الأوسط» إن الخطة «وضعت في اجتماع عقد السبت جمع ممثلين عن الفصائل المنضوية تحت جيش الفتح، واتخذ القرار بفتح معركة واسعة في حلب، على أن تبدأ في التاسعة من مساء السبت»، مشيرًا إلى أن «تقدم النظام في ريف اللاذقية على محور كنسبا، دفع جيش الفتح لنقل الانتحاريين والانغماسيين والتعزيزات إلى ريف اللاذقية، حيث استعادوا السيطرة على نقاط خسروها في ريف اللاذقية، وحققوا تقدمًا لامس مدينة سلمى في المنطقة». وأضاف المصدر: «لاحقًا، أعاد جيش الفتح عناصره والانغماسيين بعد ظهر الأحد إلى حلب، استعدادًا للبدء بهجوم واسع لرفع الحصار عن المدينة». وقال المصدر إن الخطة العسكرية «محكمة وتعتمد على الكادر البشري، والاشتباك المباشر، حيث يتم تحييد سلاح الطيران والدبابات عن المعركة»، مشيرًا إلى أن «جميع فصائل جيش الفتح ستشارك في هذه المعركة المصيرية»، لافتًا إلى أن مدينة حلب «تمتاز بخصوصية سياسية وعسكرية، بالنظر إلى أن جميع الأطراف المنخرطة في الحرب السورية لها وجود ونفوذ فيها». وأحكمت قوات النظام السوري صباح الأحد الحصار على الأحياء الشرقية في مدينة حلب في شمال البلاد، بعد تمكنها من التقدم لتقطع بشكل كامل آخر منفذ إلى تلك الأحياء التي يقطنها عشرات آلاف المواطنين. وبعد 10 أيام على قطع قوات النظام طريق الكاستيلو ناريًا، فشلت الفصائل الإسلامية والمقاتلة في وقف تقدم تلك القوات باتجاه الطريق المذكور، وخصوصًا أن الأخيرة تدعمها طائرات حربية سورية وروسية على السواء. وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن: «قطعت قوات النظام طريق الكاستيلو بشكل رسمي بعد وصولها إلى أسفلت الطريق من جهة الليرمون (غرب الطريق)»، مضيفًا: «حوصرت الأحياء الشرقية بشكل رسمي وكامل»، موضحًا أن «قوات النظام تقدمت في شمال مدينة حلب بغطاء جوي روسي». كما أشار إلى مقتل «16 مقاتلاً من الفصائل أثناء معارك تقدم قوات النظام». وساهم القصف الجوي الروسي بشكل كبير في إبعاد قوات المعارضة عن خط الكاستيلو. وقال القيادي في «أحرار الشام» في حلب محمد الشامي لـ«الشرق الأوسط»، إن 283 غارة جوية نفذتها الطارئات الروسية، استهدفت الكاستيلو منذ تقدم النظام إلى الخطوط المشرفة على طريقها، مشيرًا إلى أن القاذفات الروسية «استخدمت صواريخ طالت خنادق الدفاع عن الكاستيلو، إضافة إلى الحفر الفردية التي يختبئ فيها المقاتلون، وهو ما ساعد قوات النظام على التقدم». وأشار إلى أن هذا الواقع «لن يدوم طويلاً، بالنظر إلى أننا لن نسمح بإطباق الحصار على حلب». ويأتي تقدم قوات النظام ووصولها إلى طريق الكاستيلو بعد 10 أيام من تمكنها من قطعه ناريًا، إثر سيطرتها على مزارع الملاح الجنوبية المطلة عليه من الجهة الشرقية. وتدور منذ السابع من يوليو (تموز) الحالي معارك ضارية في محيط الكاستيلو من الجهتين الشرقية والغربية، إذ شنت الفصائل الإسلامية والمقاتلة هجمات عدة في محاولة لمنع تقدم قوات النظام، إلا أنها فشلت في تحقيق مسعاها. وباتت الأحياء الشرقية التي يقطنها أكثر من مائتي ألف شخص، وفق المرصد السوري، منذ ذلك الحين محاصرة عمليًا ليكتمل صباح الأحد حصارها تمامًا. وأكد مقاتل في فصيل «ثوار حلب» لوكالة «الصحافة الفرنسية»: «حوصرت حلب مائة في المائة»، مضيفًا: «وصل الجيش إلى الطريق وبات الآن على الأسفلت، ويضع الآن حواجز ترابية». ونقلت صفحة «مركز حلب الإعلامي» على «فيسبوك» عن ناشطين تحذيرًا للمدنيين من محاولة عبور الكاستيلو: «بعد قيام قوات النظام بأسر مدنيين كانوا يساعدون سيارة تحاول عبور الطريق». وعكس حصار حلب من قبل قوات النظام، وضعًا إنسانيًا صعبًا للغاية. وقال الشامي إن قوات النظام «دمرت مستشفى المعادي وتجهيزاته بأربع غارات جوية، علمًا بأن هذا المستشفى كان آخر المستشفيات الكبيرة في مدينة حلب»، مشيرًا إلى أن هناك «مستشفيين لا يزالا يعملان، وهي مستشفيات عسكرية ميدانية سرية، لا تستقبل المدنيين ولا تحظى بالتجهيزات». وكانت قوات النظام استهدفت مستشفيات قبل هذا الوقت، مثل مستشفى الزرزور، لكنها لم تقضِ على كامل تجهيزاته، مما مكّن المعارضة من استخدام سيارات الإسعاف المجهزة بعد تلك الغارة، خلافًا للقصف الذي طال مستشفى المعادي. وجاء قصف المستشفيات في لحظة حرجة، حيث أقفلت المعابر الحدودية إلى تركيا كليًا، بعد محاولة الانقلاب الفاشلة أول من أمس. وإلى جانب الأضرار التي طالت المواقع الطبية، تتفاقم الأزمات الإنسانية في المدينة، إذ بدأت السلع تُفقد من السوق، وخصوصًا السلع الغذائية، وارتفع سعرها بشكل جنوني. وقال ناشط في أحياء حلب القديمة لـ«الشرق الأوسط»، إن سعر كيلو الطماطم «ارتفع إلى ألف ليرة سوريا (دولاران) بسبب ندرته، علمًا بأن دخل الفرد في الداخل، لا يتعدى ثلاثين ألف ليرة سوريا (60 دولارًا)، فضلاً على بدء الأزمة بمادة دقيق القمح (الطحين) والأزمة المتصلة بالمحروقات التي تستخدم للأفران». وفي 12 يوليو الحالي، حذر الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية من أزمة إنسانية في أحياء حلب الشرقية نتيجة هجوم قوات النظام. وقال رئيس الائتلاف أنس العبدة: «نحن قلقون جدًا لأن قطع طريق الكاستيلو بشكل كامل يعني تجويع أكثر من 300 ألف مدني». وكان سكان الأحياء الشرقية بدأوا يعانون نقصًا في التموين جراء قطع طريق الكاستيلو ناريًا. ووثق المرصد السوري السبت مقتل 28 مدنيًا في قصف لقوات النظام على الأحياء الشرقية و4 آخرين جراء قذائف أطلقتها الفصائل المعارضة على الأحياء الغربية التي تسيطر عليها قوات النظام.
مشاركة :