أردوغان يتآمر على نفسه! - مقالات

  • 7/18/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

لست أعجب من سير الأحداث في العالم وتقلب الدنيا بأهلها كما أعجب من تناول وسائل الإعلام العربي مع تلك الأحداث، فقبل أقل من شهر حدث تفجير مروع في مدينة اسطنبول التركية وقُتل فيه الكثيرون، وقد فوجئت بتغطية قناة تلفزيونية لذلك الحدث حيث نشرت تقريراً غريباً تشتم فيه الرئيس التركي أردوغان وتتهمه بشتى التهم مثل الديكتاتورية والرغبة في الهيمنة والتعصب الديني!! وقد اتهمه أعداؤه سابقاً بدعم تنظيم «داعش» وشراء النفط منه وبتسهيل هروب أنصاره إلى سورية! اليوم وقد فوجئ العالم بوقع المحاولة الفاشلة للانقلاب على السلطة في تركيا ثم خروج ملايين الأتراك إلى الشوارع لايقاف تلك المحاولة ورفض الانقلاب، ولا شك أن هذه المحاولة الانقلابية قد تم التخطيط الدقيق لها من أطراف كثيرة في تركيا وخارجها ثم إفشال الشعب لتلك المحاولة، فقد فوجئنا ببعض القنوات العربية تخصص نقاشاً مستفيضاً حول إمكانية كون تلك المحاولة مسرحية سخيفة دبرها أردوغان لكي يستكمل هيمنته على السلطة في تركيا ويقبض على المعارضين ويكسب تعاطف الشعب معه!! وقد استضافت المحطة نفسها الجوقة نفسها التي كانت تستضيفها سابقاً للطعن في أردوغان والنظام التركي لتستطلع آراءهم! ونحن لا نلوم تلك القناة التي من مصلحتها تشويه صورة الحكم في تركيا وغيرها من البلدان الإسلامية، لكننا نعجب موقف أبناء الدار الذين شاهدوا حجم التعاطف الإسلامي مع فشل الانقلاب وفرحة المسلمين العارمة بالقبض على مدبريه وتوجيه التهم إليهم. كما قال الشاعر أبوالبقاء الرندي في رثاء سقوط الأندلس بأيدي النصارى واستباحتهم لقتل المسلمين فيها: تبكي الحنيفية البيضاء من أسف كما بكى لفراق الالف هيمان على ديار من الإسلام خالية قد أقفرت ولها بالكفر عمران حيث المساجد قد صارت كنائس ما فيهن إلا نواقيس وصلبان تلك المصيبة أنست ما تقدمها ومالها مع طول الدهر نسيان لمثل هذا يذوب القلب من كمد إن كان في القلب إسلام وإيمان!! سؤال للعقلاء ويكفي أن يسأل العاقل نفسه: لماذا يلجأ أردوغان إلى افتعال مثل تلك المسرحية السخيفة في الوقت الذي تم انتخابه من شعبه بأغلبية لم يحصل عليها أي زعيم تركي قبله؟! وهل تستحق تلك التجربة المخاطرة الكبيرة التي عاشتها تركيا وكتمت فيها أنفاسها؟! إن من يزور تركيا اليوم ليشعر بأن روحاً جديدة قد دبت بها وتحولاً مثيراً قد حدث فيها، فالمدن الجديدة والجسور والأنفاق، والنظافة واستقطاب السياح وغيرها أشبه بمعجزة في العالم الثالث، وفوق كل ذلك مواقف تركيا المشرفة على مستوى العالم كله لا سيما على مستوى العالم الإسلامي ووقوفها مع جميع القضايا الإسلامية!! لقد شعرنا بالقلق من تبدل الموقف التركي من إسرائيل وروسيا في الآونة الأخيرة ودعوتها لتطبيع العلاقات مع النظام السوري المجرم، وأدركنا بأن هنالك ضغوطاً غير طبيعية قد مورست على تركيا للرضوخ لمطالب الأعداء وللتنصل من التزاماتها تجاه قضاياها المصيرية! إن القصة الأقرب إلى التصديق في شأن الانقلاب التركي هي أن هنالك دولاً خارجية لها دور في التخطيط للانقلاب ومساندته، فهل يمكن تصديق أن هذا التخطيط واسع النطاق على مستوى جميع أسلحة الجيش التركي ومسؤوليه لم يكن معروفاً لدى أجهزة المخابرات الأميركية والأوروبية وهم المتغلغلون في جميع مفاصل تركيا؟! ولماذا كانت ردات الفعل الغربية باردة أو مؤيدة للانقلاب إلى أن تبين فشله؟! والذين يدينون كثرة أعداد المعتقلين في صفوف الجيش والقضاء يدركون بأن جماعة «فتح الله غولن» منتشرون في جميع مفاصل الدولة بسبب ترحيب أردوغان بهم والسماح لهم!! إن الذي نحن متأكدون منه هو أن تلك المحاولة لن تكون الأخيرة وأن قوى الشر التي تريد النيل من العالم الإسلامي لن تتوقف بل ستكرر محاولاتها للنيل من تركيا ومن دول الخليج!! نسأل الله تعالى العافية.

مشاركة :