كل العالم شاهد الفاجعة التي حلت في منطقة الكرادة، داخل محافظة بغداد، ولم يكن هذا الاعتداء الأخير وليس الأول، بل سبقته تفجيرات كثيرة، واختلفت أعداد الضحايا، باستثناء سبايكر، فلها خصوصية وشرح لا يتسع المقال لذكرها، والمستغرب في الأمر أن الدول التي بعثت برسائل تعزية للعراق، ليست بعدد الدول التي بعثت لدولة فرنسا، مع العلم أن حادث فرنسا لا يشبه اعتداء الكرادة، ولم يكن سوى حادث مروري تم إجراؤه بواسطة سيارة، وحادث الكرادة كان تفجيراً من نوع خاص، ولم يشبه التفجيرات السابقة، والضحايا التي ذكرتها وسائل الإعلام مع التفاوت بالأعداد، وصل لأكثر من ثلاثمائة شهيد أو أكثر من دون الجرحى. كثير من المسؤولين العراقيين والسياسيين بعثوا برسائل لفرنسا يعزونهم، ولم يكلفوا أنفسهم زيارة المكان الذي جرى فيه انفجار الكرادة، ولم يذهبوا لزيارة سرادق العزاء المنصوب، ليست في الكرادة فحسب، بل في كل المحافظات التي استنكرت الفعل الإرهابي الجبان، وهذا يدل على عدم انتماء أولئك للعراق ولشعبه، الذي صعدوا على أكتافه، فقط من كلفوا أنفسهم بالذهاب لأهل الكرادة العراقيون الشرفاء، مهما كان منصبه أو قدره في المجتمع، وهذا الأمر يدفعنا للتساؤل: هل دماء الفرنسيين غالية جداً في الدساتير، يقابله رخص الدماء العراقية، أو في أي دستور تم احتساب هذا الفرق؟ أجهزة الاستشعار التي يمكنها رصد السيارات أو أي شيء مفخخ، لم يتم تحريكها ووضعها في الأماكن التي من الممكن أن يحصل فيها خرق، إلا بعد فوات الأوان، بينما كانت أجهزة الـ"آي دي" السيئة الصيت تستعملها كل السيطرات، مع علم الحكومة بعدم فاعليتها، ونشرت كل وسائل الإعلام، وعلى رأسها الدولة المصنعة لذلك الجهاز الفاشل بريطانيا، أنها قد أخلت مسؤوليتها منه، وعاقبت الشخص الذي باعه، مع علم الحكومة العراقية بأنه ليس لفحص السيارات المفخخة، بل للإشارة لكرات الغولف الضائعة، وهذا يخلي مسؤوليتها من الملاحقة القانونية في المحاكم الدولية، بينما وقفت الحكومة العراقية موقفاً لا نحسد عليه، في التغطية على كل الأشخاص التي قامت باستيراده، على أنه كاشف للمتفجرات! المحكمة الاتحادية ولجنة النزاهة، وطوال السنين الفائتة، مع وجود تقارير تثبت فشل الأجهزة المستوردة، والتي فاقت مبالغها بأضعاف مضاعفة أسعارها الأصلية، موقفها محير إزاء كل من تورط بهذه الصفقة المشبوهة، ويجري بين الحين والآخر إخراج ملفاتها للعلن، ثم تتم التغطية عليه من دون حكم أو عقوبة! بحجم الدماء التي سالت من مخلفات ذلك الجهاز اللعين، ومن الواضح أنه سيتم تمييع هذا الملف، الذي لو طبق بحقه القانون العراقي، سيطال شخصيات كبيرة وكثيرة، وعليه هنالك خيارات كثيرة كلها تؤدي للإعدام، بحق كل مَن تورط بشراء هذا الجهاز، فهل سنرى في الأفق قرارا يقضي بمحاسبة كل المتورطين؟ السعودية غطت على تفجير حادث الكرادة، بإحراق سيارة قرب الحرم، للفت الأنظار على اعتبار أنهم أيضاً مبتلون بالإرهاب! وتريد أن تعطي صورة خلاف ما يجري في الساحة، ونسيت أنها بفتاويها وتدفق المقاتلين منها ومن سائر الدول، وهؤلاء كلهم يتغذون بأموالها، التي عبرت كل التوقعات، ولم تسلم منها أي دولة، باستثناء الدول التي تسير بركبها!. لو كانت كل الدول التي بعثت برسائل تعزية لفرنسا، قد بعثت للعراق، لكان هنالك رأي آخر، وهذا يثبت أن الدول التي لم تبعث برسائل التعزية للعراق، إمّا مشتركة في الجريمة، أو تمول الجماعات الإرهابية، التي تعبث بالمواطن العراقي والسوري واليماني، أو راضية ومؤيدة لتلك الأعمال، وهذا الأمر يقع على عاتق رئاسة الوزراء، ورئاسة الجمهورية، ووزارة الخارجية على وجه الخصوص، ويكون هنالك موقف من قِبل الحكومة العراقية، في كل الأمور المرتبطة في الاستيراد والتصدير، والعلاقات، وكل ما يلزم في التعامل مع تلك الدول، وليكون لنا موقف مشرف في هذا الأمر. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
مشاركة :