لم أستغرب ما حدث ويحدث في مصر من تفجير يستهدف مقدرات ومكتسبات بُنيت طوال عقود من الزمن؛ لسبب بسيط هو أن المُتسبب في إحداث هذه الفوضى المُدمرة ليس بِدعاً على من يُمارسه على الأرض، بقدر ما هو جزء لا يتجزأ من فكرهم القائم على العنف، وخطوة لا يُمكن تجاوزها من مُخططهم الذي يسعى للوصول إلى السلطة بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة، ليس خدمة للبلاد والعباد، بل بهدف تصفية حسابات مع أطراف عَجِز عن مُجاراتها خلال الثمانين عاماً التي تُعد عمر هذه المُنظمة المُسيِّسَة للدين ورائدة الإسلام السياسي الذي يُغلِّف السياسة بالدين لتمرير أفكارهم مُستغلين في ذلك العاطفة التي اجتاحت المجتمع العربي من خلال العزف على وتر الدين، وأنها -أي جماعة الإخوان- هي المُنقذة للانحرافات الشائعة، بل وصل بعضهم إلى القول: بأنها الوسيلة المُثلى لإعادة الخلافة الإسلامية في صورتها الأولى. فإذا عُرف السبب بطل العجب -كما هو منطوق المثل- فجماعة الإخوان صادرت حق ثورة الشباب التي انطلقت يوم 25 يناير؛ إذ قامت بعد أن ضمنت نجاحها بالدخول في مُعتركها للفوز بثمرتها، وللأسف تحقق لها ما سعت إليه، فالمُتتبع لبذور الثورة الأولى لا يجد لهذه الجماعة الموبوءة دوراً يشفع لها أن تتسنم صدارة المشهد السياسي في مصر، ولا أن تجني لوحدها حصيلة انتفاضة الشعب بدون وجه حق، ولكنها «الانتهازية» التي تمتاز بها جماعة الإخوان كانت هي الفيصل في احتكار الواقع، وتجييره بكل صفاقة لصالحها، وبدأت تستميل المخدوعين بشعارات ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، فراوغت بكل احترافية في السيطرة على كل منافذ السلطة بدءًا من مجلسي الشعب والشورى مروراً بمجلس الوزراء وانتهاءً برئاسة الجمهورية التي قطعت على نفسها -وعداً- بألاَّ تُرشح لها أحداً من أعضائها، ولكن طبعها المخادن لم يسمح لها للوفاء بذلك، ففي اللحظات الأخيرة اقتحمت سباق الرئاسة، وفازت به لأنها استطاعت تخدير الشعب بنداءات غلّفتها بوعود وردية وأمانٍ وهمية، وكل هذا –فقط- لتحقيق مآربها السلطوية تمهيداً لبث سطوتها والتكشير عن أنيابها العدوانية لكل من يتقاطع مع توجهاتها ناهيكم عن التعارض معها. وبناءً على الإسقاطات السلبية التي تبنّتها جماعة الإخوان فأعتقد أن ما يحدث على الأرض من تفجيرات لا يعدو كونه الجانب التطبيقي للفكر الذي تتبناه، الأمر الذي يُحتِّم مراجعة الكيفية التي سيتم التعامل من خلالها مع قادتها ومُحركيها سواءً أكان ذلك في الداخل أم الخارج؛ لتُحجَّم ممارساتها العنفوانية وتُحاصر تصرفاتها الهوجاء التي استهدفت الآمنين من أبناء وطنها، ودمَّرت بفعلها المُشين مكتسبات بلدها، ورسخَّت في الذهنية المُجتمعية أسلوبها الرخيص في التعامل مع ما يواجهها من قضايا؛ مما يعني أن جماعة الإخوان فقدت أهليتها في قيادة الدولة مستقبلاً؛ لأن من يُحارب وطنه بالنار، ويُسدد سهام حقده لخاصرة أبنائه لا يستحق أن يكون قدوة أو نموذجاً يُحتذى، بل يجب أن يكون منبوذاً إلا إذا تعدَّل خط سيره -فكراً وممارسة- وهذا ما يأمله المصريون من شخوص شباب تلك الجماعة المنبوذة والذين يتأملون منهم أن يخرجوا من النفق المُظلم الذي شقه أسلافهم، ويُثبتوا لجميع المصريين أنهم وطنيّون بالدرجة الأولى، عندها أعتقد أن يكون لهذه الفئة من الشباب مكانة في النسيج الوطني المصري الذي عوّدنا -دائماً- على تقديم المصالح العُليا للوطن قبل أي اعتبارات أخرى. Zaer21@gmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (33) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :