رحيل الإخوان | د. محمد عثمان الثبيتي

  • 8/18/2013
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

كتب الجيش المصري الحلقة الأخيرة من مسلسل جماعة الإخوان التراجيدي الذي اختار له أبطاله هذه النهاية المأساوية التي لو انصاع قادتها لصوت العقل واختاروا بديلاً من البدائل المطروحة من الوسطاء العرب والأجانب لكان أفضل بكل المقاييس من الحل الذي أُجبر عليه الأمن ومن ورائه الجيش ، ولكن شيئاً من هذا القبيل كان في حكم المستحيل بالنسبة لهم ؛ لأنهم كانوا متأكدين من أن النهاية محسومة - سلفاً - لصالحهم ، ولم يدر في خلدهم أن المصالح العُليا للوطن فوق اعتباراتهم الخاصة ومصالحهم الضيِّقة التي لم أستغرب تعاطيهم السلبي تجاهها جراء ضعف خبرتهم السياسية وتدني مستوى وعيهم الفكري الذي برز جليِّاً في التعامل مع الأحداث منذ تسلمهم مقاليد الحكم في ٣٠يونيو ٢٠١٢ إلى أن لقنهم الأمن والجيش درساً لن ينسوه في كيفية احترام هيبة الدولة التي لن ترضى بأن يكون فرض سيطرتها مُرتهناً لفئة استعطفت الناس بمسماها الديني ، ورأت بأفقها الضيِّق أن خيار الاعتصام هو الخيار الأمثل لحل المُشكلة القائمة . لا يُقر أي إنسان عاقل ناهيكم عن كونه مسلماً إراقة الدماء من جميع الأطراف مهما كانت المُبررات ، ولكن ضاقت الطُرق بالجهات السيادية ووُضِعَت في خانة لا تُحسد عليها فهي أمام خيارين أحلاهما مُر ؛ فإما أن تُضيع هيبتها أمام مواطنيها وتفقد مكانتها أمام العالم نتيجة لعدم قدرتها على فرض سيطرتها للأمن في ربوعها ، وإما أن تقوم بنفس ما قامت به لرد اعتبار الدولة كجهة راعية لتثبيت عملية السلام على الأرض ، ومع أنها تحلّت بضبط النفس لآخر دقيقة ولكن تضخم الأنا لدى الفئة المناهضة لذلك جعل مؤسسة الدولة تنتهج الخيار الأصعب لفض الاعتصامات التي تضمنت بناءً على ما أوردته صحيفة المدينة في تحقيق أعده مراسلها في القاهرة نُشر في عددها رقم 18375 وتاريخ 2013/8/14 بأن فتوى صدرت أباحت ما يُسمى بـ « نكاح الجهاد « الذي برره مفتوه بأنه درءٌ لمفاسد الخلوة غير الشرعية وتمشيًا مع متقضيات الغريزة الجنسية في أوقات الشدة خصوصًا مع مظاهرات التيار الإسلامي والإخوان المسلمين برابعة العدوية ، كما أكد الشيخ الدكتور عيسى الغيث عضو مجلس الشورى على حسابه بتويتر في تغريدة له قال فيها : تابعت اعتصام رابعة العدوية منذ بدايته، ولاحظت الاختلاط والمعازف والمُنكرات المتعددة، فهل رأيتم محتسباً استنكر هذه المحرمات وتبرأ منها؟! إضافة إلى وجود كمية كبيرة من الأسلحة في موقعي الاعتصامين . لقد أوصلت جماعة الإخوان برعونة سياساتها المشهد إلى الحد الذي لم نكن نتمنى أن يصل إليه ؛ لأن تداعياته عكست تصرفاً غير حضاري رسخ للعالم أجمع أننا أمة عنف لا دُعاة سلام - كما هو منهج دستورنا العظيم - وجعلت منا مادة إعلامية تتسلى وسائل الإعلام عليها وتقضي الساعات الطوال في تحليل الدوافع والمُسببات لهكذا تعاطٍ سلبي ، فلو قبلت الجلوس إلى طاولة الحوار وقدمت تنازلات ليس للعسكر - كما تعتقد - ولكن من أجل وطنها لسجلت لنفسها صفحة مُشرقة في تاريخ مصر ، ولكن عدم توافر قيادة رشيدة توجه خط سير الجماعة لما هو أفضل من خيار الاستمرار في الاعتصام أدى إلى تفاقم الوضع وانحسار بدائل الحل أمام أجهزة الدولة. أما وإن انفض الاعتصام واستطاعت الدولة السيطرة على فرض هيبتها ، وبدأت الأمور تعود إلى حالتها الطبيعية فإن أهم الالتزامات التي يجب أن تفيء بها هي العودة - سريعاً - للحكم المدني عن طريق تشكيل دستور يتمتع بالتوافقية بين جميع مكونات النسيج الوطني المصري ، وأن يتم الإعلان عن موعد لإجراء انتخابات رئاسية في أقرب فرصة لانتخاب رئيس مدني يلتزم بأن تكون سياساته تجاه المصريين مبنية على الكفاءة وليس على الإيدولوجيا التي يعتنقونها ، وأن يكون تعامله مع الكل على مسافة واحدة لا إقصاء ولا تقريب يرتهن للتوافق الفكري مع ذاته ، بقدر ما تكون الجدارة هي الأساس الذي تُبنى عليه عملية الاختيار . Zaer21@gmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (33) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :