قبل أيام وفي (مدينة الإسكندرية المصرية) وعلى شاطئ بحرها التقيتُ بِـسُـعوديٍ تجاوز الستين من عمره، أخبرني بأنه مقيم هنا منذ تقاعد قبل سِــت سنوات؛ لِـعِـشْـقِـه لتلك المدينة منذ كان صغيراً، ولأن المعيشة فيها أرخص من السعودية، فمعاشه التقاعدي البسيط البالغ (3500 ريال) يُـوَفِّــر له فيها حياة كريمة، فيها الكثير من جوانب المتعة التي لا يجدها هناك في وطنـه!. وفي ملف (هجرة السعوديين للخارج) أكد عضو مجلس الشورى الدكتور صدقة فاضل في خبر نشرته (صحيفة الحَـياة 21 فبراير الماضي) بأن عدد السعوديين الذين فضلوا مغادرة وطنهم والإقامة في الخارج يتجاوز (المليون)! وقد تنوعت أسباب هجرتهم بحسب تقرير بثته (صحيفة سبق الإلكترونية مارس 2016م) إلى اقتصادية: فهناك طائفة من محدودي الدخل وجدوا في بعض الدول ملاذاً من غلاء الأسعار والإيجار في بلادهم، ولاسيما وفَـرق العملة يخدمهم في (مصـر مثلاً)، وهناك فئة هاجرت بحثاً عن الاستثمار في بيئة خصبة مَـرِنَـة، لا قيود فيها، ولاتعقيدات بيروقراطية قاتلة وطارِدة؛ فالكاتب الاقتصادي الأستاذ جمال بنون قد أشار بأن عدد السعوديين المقيمين في الإمارات يبلغ (100 ألف)، لهم فيها استثمارات تصل لـ (100 مليار درهم)!! أيضاً (للعامل الاجتماعي) دوره في هجرة فئة من المواطنين السعوديين الذي ينشدون الهدوء، وجَـودة الحياة، والتغيير وكسر الروتين في مجتمعٍ أكثر انفتاحاً! حقيقة تلك الأرقام والعوامل فيها مفارقة عجيبة ففي حين تحتضن بلاد الحرمين أكثر من (10 ملايين وافد) من مختلف الجنسيات والأعمار والأطياف، نجد في المقابل سعوديين يهاجرون من وطنهم؛ وهذا أراه ينادي بدراسة اجتماعية واقتصادية تُـبْـنى على إحصاءات دقيقة تبحث عن الأسباب، والآثار والتَـبِـعَــات الاجتماعية والاقتصادية والأمنيّــة، وكيفية معالجتها! أخيراً، يلزمنا قبل أن نبحث عن جَــذب رأس المال الأجنبي لكي يستثمر في وطننا ضمن برامج (رؤية 2030م) أن نعمل على عودة المال السعودي المُـهَـاجِــر! aaljamili@yahoo.com