عين الحسد - مقالات

  • 8/11/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

أحكي لكم أحداثاً حقيقية، مضحكة ومبكية في آن واحد، يحكيها لي والدي الغالي، أطال الله عمره، تبين أثر العين الحاسدة، وكلما يحكيها تنهمر الدموع من العيون من شدة الضحك، لذا أحكيها لكم بغرض التسلية، واستخراج البسمة بل والقهقهة من الشفاه والقلوب. فالضحك يُنّشط عضلة القلب، وليس كما قال الأقدمون، يميته، إلا إذا زاد على حدة، فكل شيء يزيد على حده فعلاً ينقلب إلى ضده. * كان صباب القهوة في المسجد واقفا لتقديم الضيافة للمعزين، ممسكا الدلة بيده اليسرى والفناجين باليد اليمنى، ومن خبرته الطويلة كان يصب القهوة في الفنجان عن بعد بطريقة فنية متمرسة، بحيث تنسكب القهوة على هيئة خيط سميك تراه كل الأعين، وتتلألأ القهوة على شكل قوس ذهبي يلمع في الفضاء، فعندما رأى صاحبنا ذلك أمام عينيه، نطق قائلا لصباب القهوة: «أتصب القهوة على حبل»... وما هي إلا ثوان معدودات حتى انفرطت الدلة من يد الصباب محدثة ضجة كبيرة على الأرض لتنفلق إلى نصفين. * وذات مرة في عزاء عائلة أخرى، كان عدد الزوار كبيراً، ما اضطر أن يخدمهم اثنان لتقديم القهوة، أحدهم يمسك بالكثير من الفناجين ويرصها فوق بعضها البعض على يديه الاثنتين، والثاني يصب القهوة، وما إن دخل صاحبنا المجلس ورأى ذلك، حتى نطق قائلاً لحامل الفناجين: «هل تحمل مسجد أبو منارتين بين يديك»؟، وما هي إلا لحظات حتى سقطت كل الفناجين على الأرض، ولم يسلم منها فنجان واحد، والحضور يرون ذلك بذهول واندهاش. * كان لدى رجل صديق مزرعة كبيرة في إحدى مناطق البحرين، وكان أصدقاؤه يلتقون في المزرعة صباح كل يوم جمعة، وكان في المزرعة بعض الحيوانات الأليفة والداجنة، فأعجبت أحدهم دجاجة بيضاء، فطلب من صاحب المزرعة أن يأخذها معه، فقال المالك: على الرحب والسعة، هي لك منذ الآن، فحملها الرجل بين يديه وركب السيارة، ووضعها في حجره، وفي الطريق وقبل أن يصلوا إلى البيت بلحظات، لمحهم صاحب العين، فلوح لهم محيياً، أبطأ سائق السيارة ليردوا التحية، فلاحظ صاحبنا الدجاجة المتربعة في حضن الراكب الأمامي، فقال معلقاً: «خلاص لن نشتري بيضا بعد اليوم»!، فما هي إلا لحظات، فإذا بالدجاجة تفتح منقارها لتأخذ النفس الأخير من الحياة وتنفق، وهي في حضن الصديق. * رأى صاحبنا أحد التجار مُمدداً إحدى قدميه على الكرسي، وقد انزاح الثوب عنها قليلا، فقال له الصاحب: «ما بالك كأنك عروس ممددة قدميها للحناء»، فما كان من هذه العين إلا أن جعلت التاجر كسيحاً إلى يومنا هذا! * دخل صاحبنا إلى إحدى الصالات، وكانت مزينة بالإضاءة في شكل جميل، فرفع عينيه وسط الصالة متطلعاً إلى الثريا المعلقة في السقف وهو يقول: «ما هذه الثريا التي من شدة أنوارها تكسر العين»؟، فإذا بالثريا تتهاوى من الأعلى إلى الأسفل لتتناثر حبات الكريستال في كل أرجاء المكان. * كان ابن صاحبنا يتقافز أمام عينيه وهو في العشرين من عمره، وحينما صعد السلم سريعاً التفت إليه والده وهو يقول: «ما بالك كأنك قرد يتقافز على الأشجار»، فإذا بالابن يسقط من أعلى السلم إلى أسفله لتنكسر إحدى قدميه! * ذات يوم، زار صاحبنا جاره، فرأى غنمته تتقافز من سطح إلى آخر، فقال متعجبا: «أهذه الغنمة تلعب في السيرك»؟ فسقطت الغنمة ميتة في الحال. * كان صاحبنا في زيارة لأحد من أقاربه، وما إن دلف من الباب الخارجي، ورأى اللون الأخضر يتباهى في الأنواع المختلفة من الشتلات والنباتات والأشجار المنسقة في حديقة البيت حتى نطق قائلا: «ألديك مندوبا يشتري منك الخضار والفاكهة»؟ وما إن خرج صاحبنا من البيت، حتى تساقطت أوراق الشجر دفعة واحدة، وذبل الزرع ومات كله في لحظة! * صاحبنا كان في زيارة لأحد الموظفين لتهنئته بالتقاعد، فطلب أحد الزوار شيئاً ما، فتوجه الموظف المتقاعد لتلبية الطلب، وصعد السلم مسرعاً، فلمح صاحبنا هذا المتقاعد وهو يصعد السلم بخفة ونشاط من دون أن يمسك الدرابزين، فقال متعجباً: «ما بالك يا أخي تطير على السلم»؟، وما هي إلا ثوان حتى تهاوى المتقاعد من أعلى السلم إلى أسفله، ومن يومها لم يتعاف من آلام القدمين. * كان شخص يغني أغنية شعبية جميلة، فالتفت إليه صاحبنا وهو يقول: «ما هذا الصوت الذي يشبه البلبل»؟، ومن لحظتها انشلت حباله الصوتية، ولم يعد صاحبنا يستطيع بعدها الغناء أو الكلام! * كان صاحبنا في زيارة على العشاء مع الموظفين، لزميل معهم، فوضعوا الغوزي وأكل الجميع، وكان أحدهم يأكل بنهم وشراهة، فالتفت إليه صاحبنا وهو يقول: «أتأكل بين عميان»؟، انتهت السهرة، وما إن خرج الجميع حتى شعر الموظف بغثيان وآلام في المعدة، وأصابه طوال الليل إسهال حاد لم يمهله أن يغط أو يغفو لحظة واحدة من شدته، وما إن أصبح الصباح حتى خرج من بيته وهو منهك من الألم والمرض والسهاد، وذهب متوجهاً إلى وظيفته، وما إن لمح الموظف صاحبنا، حتى خلع ملابسه الداخلية أمام الملأ ومدها أمامه وهو يقول: «أقرأ الآن عليها آيات من القرآن الكريم لكي أتشافى من شر عينيك». فانهار الحشد الواقف من شدة الضحك. aalsaalaam@gmail.com

مشاركة :