الوفاء للنساء في مرثيات الأدباء | أحمد عبد الرحمن العرفج

  • 8/10/2016
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

المَوت لَه هيبَة في الوجدَان؛ حِين يَحضر في كُلِّ زَمان، لَكن العَقل العَربي لَم تُعجبه فِكرة رثَاء الإنَاث، فكَان 99% مِن الإنتَاج الرّثَائي الأدبي؛ مَحصوراً في شَمائل الذّكور..! وكِتَابة هَذا اليَوم؛ تُحاول أَنْ تُجدِّف عَكس التيّار، لتَستعرض الـ1% المَنسي مِن الرّثَاء، الذي يُؤكِّد وَفَاء بَعض الأُدبَاء لزَوجاتهم، ضَاربين بعَرض الحَائط، تُراثاً هَائلاً طَالما انتَقصَ مِن الرَّجُل؛ الذي يرثي زَوجته..! يَقول البَاحث «أَحمد العلاونة» في كِتَابه «في الكِتَاب وأحوَاله»: (قَرأتُ في كِتَاب «وديع فلسطين يَتحدَّث عَن أعلَام عَصره»، صـ206/1، أَنَّ الكَاتِب الصَّحفي الكَبير «كريم تابت»؛ رَثَى زَوجته -عندَما تُوفيت في سَنة 1936م- بمَقالٍ عِنوَانه «امرأة فاضلة: إلَى زَوجتي»، يُعدُّ مِن أَبلَغ مَا كَتَب، بَل إنَّه ارتدى عَليهَا الحِدَاد نَحو ثَلاثين عَاماً، دون أَنْ يُبدِّله، وذَكر الأُستَاذ «وديع»، أنَّه لَم يَرَ الأُستاذ «كريم تابت»؛ إلَّا وهو يَرتدي سُترة سَوداء، ورَبطة عُنق سودَاء، وَفاءً لزَوجته التي أنجَبَت لَه ثَلاثة مِن البَنين، وكَان العَرب في القَديم؛ يُعدّون إظهَار الحُزن عَلى الزَّوجة نَوعاً مِن الضَّعف، ولهَذا انصَرفوا عَن رثَائها)..! لَعلَّ أَوَّل مَن رَثَى زَوجته هو الشَّاعر «جرير»؛ في قَصيدته المَشهورة التي يَقول في مَطلعها: لَوْلاَ الحَياءُ لَهَاجَني استعبارٌ ولَزُرتُ قَبركِ والحبيبُ يُزارُ وتَذكُر الكُتب أَنَّ الأَديب والكَاتِب الفلسطيني «خليل السكاكيني»؛ رَثَى زَوجته بكِتَاب يَجمع الشِّعر والنّثر، بعنوَان: «لذِكرَاكِ»، رَغم أنَّ العنوَان يُنسب أَيضاً لرَجُل القَانون، الأَديب المِصري «رابح لطفي جمعة»، الذي رَثَى أَيضاً زَوجته؛ بديوَان شِعر يَحمل نَفس الاسم..! ومِن الذين رَثوا زَوجَاتهم شِعراً ونَثراً، الأديب والبَاحث والشَّاعِر الأُردني «روكس العزيزي»، في كِتَاب نَشره بخَطِ يَده، يَضمّ شِعراً ونَثراً بعنوَان: «جَمُدَ الدّمع»..! كَما أنَّ الشَّاعر المِصري «طاهر أبوفاشا»؛ رَثَى زَوجته أَيضاً بديوَان شِعر بعنوَان: «دمُوع لَا تَجفّ»، وكَذلك فَعَل الشَّاعِر الحقوقي «عبدالخالق فريد»، الذي رَثَى زَوجته بديوَان شِعر حَمل عِنوَان: «مَرثيّتي البَاكية».. بَل إنَّ هُناك مَن رَثى زَوجتين، وهو الشَّاعر المِصري «عبدالرحمن صدقي»، حَيثُ رَثَى زَوجته الأولَى؛ بديوان شِعر حَمل عنوَان: «مِن وَحي المَرأة»، ورَثَى الأُخرَى بديوَان آخَر يَحمل عنوَان: «حواء والشَّاعر»..! حَسناً.. مَاذا بَقي؟! بَقي أنَّ قَائمة الذين رَثوا زَوجَاتهم شِعراً ونَثراً طَويلة، مِنهم الشَّاعر «عزيز أباظة»، والأديب البَاحث «محمد رجب البيومي»، والأديب اللِّبنَاني «ياسين رفاعية»، فمَاذا عَن الأَديبَات والشَّاعِرَات؟.. هَل تُنكر المَرأة عَشيرها؛ حَتَّى في حضُور هيبة المَوت..؟!! تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com

مشاركة :