«التكييف اللي اشتريته في عهد (الرئيس المصري السابق حسني) مبارك لم تستخدمه أيام (الرئيس السابق محمد) مرسي بسبب انقطاع الكهرباء ولن تستخدمه في زمن (الرئيس عبدالفتاح) السيسي بسبب ارتفاع فاتورة الكهرباء»، تلك التدوينة المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي بين المصريين واحدة من المكايدات التي يكثف أنصار مبارك بثها في تلك الأيام، في إطار الهجوم على نظام الرئيس السيسي، إيذاناً ببدء موسم جديد من مواسم الحنين إلى الماضي التي تنطلق مع كل أزمة أو معضلة تواجه الحكم في مصر منذ الثورة. وفي ظل موجة الارتفاع غير المسبوقة في أسعار مختلف السلع والخدمات، وندرة النقد الأجنبي التي سببت تراجع المعروض من السلع المستوردة في الأسواق، ومع الإجراءات التقشفية التي تتخذها الحكومة وإعادة هيكلة الدعم والرفع التدرجي لأسعار الكهرباء، وزيادة التضخم المتوقعة، عاود «أبناء مبارك» الظهور مجدداً مُذكرين المصريين تهكماً بـ «فساد نظامه» الذي أوصل سعر كيلو اللحوم إلى 70 جنيهاً، وليتر البنزين إلى أقل من جنيهين، وفاتورة الكهرباء للأسرة الميسورة إلى 100 جنيه، والسيارة الخاصة من طرازات مناسبة إلى أقل من 100 ألف جنيه، وكأنهم «يُكايدون» من ثاروا ضد مبارك وأركان حكمه، فتلك الأسعار مستها زيادات ضخمة تخطت 50 في المئة في أحسن الأحوال. أما أنصار السيسي فردوا على تلك الحملة بتذكير الجمهور بـ «إنجازات مبارك» المتمثلة في مئات القتلى الذين قضوا في حوادث العبارات والقطارات وانتشار الأمراض المزمنة في أوساط المصريين والاستيلاء على أراضي الدولة وغيرها. تلك الحملات والحملات المضادة، تأتي فيما كُتاب وصحافيون محسوبون على مبارك ونظامه يشنون هجوماً كاسحاً على النظام الحالي، في كبريات الصحف المصرية، ويتباكون بألم على أحوال الطبقة الفقيرة التي حضوها دوماً على الصبر أيام مبارك. وتتزامن مع هذا حملات شعبية يُطلقها أشخاص غير معروفين على الساحة السياسية للمطالبة بمد الفترة الأولى لرئاسة السيسي، وهي حملات يراها مراقبون غير ذات جدوى، في ظل الاستحقاقات الدستورية التي تُحتم إجراء انتخابات رئاسية في العام 2018. تتزامن تلك الحملات أيضاً مع رغبة محمومة من المرشح الرئاسي السابق الفريق أحمد شفيق، وهو آخر رئيس للوزراء في عهد مبارك، في العودة إلى مصر من منفاه الاختياري في الإمارات، حتى أنه لجأ إلى القضاء لرفع اسمه من قوائم ترقب الوصول، ومطالبة السلطات بإيضاح موقفه القانوني وإن كان ملاحقاً في أي قضايا أخرى غير التي برأته منها المحاكم. وقال لـ «الحياة» عضو سابق في حملة شفيق الرئاسية إن رغبة المرشح السابق في العودة إلى مصر «لا تعني بالضرورة تطلعاً إلى دور سياسي في المستقبل، فعودته إلى بلده حق له». وأضاف أن «الانتقادات التي توجه إلى نظام الحكم الحالي تأتي في إطار حرية الرأي والتعبير، وضمن التعليقات التي يتم تداولها حتى من العامة غير المحسوبين على أي تيار». ويرى أن «قطاعاً ليس بسيطاً أدرك الخسائر التي سببتها الثورة، وبات يعرف قيمة مبارك». وهو لا يرى أن أنصار مبارك غيروا موقفهم من نظام السيسي، «فمنذ البداية مثلهم مثل بقية المصريين كانوا ينتظرون فترة للحكم عليه، ولما رأوا أن الأوضاع ازدادت سوءاً يعبرون عن رأيهم». واعتبر الخبير في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» وحيد عبدالمجيد أن هجوم أنصار مبارك على السيسي «دلالته أن النظام القائم يلقى معارضة من كل الأطياف تقريباً، وبات محل انتقاد من كل من له علاقة بالسياسة في مصر». وأضاف: «هم يعارضون هذا النظام لأنه لا يتسع لأحد. لا يتسع لا لقوى قديمة ولا لقوى جديدة، هذا النظام يستغني عن المجتمع كله ومن الطبيعي أن يعارضه أنصار مبارك وكل الاتجاهات السياسية… طبيعي أن يشعر أي كيان له توجه سياسي حقيقي قبلناه أو رفضناه بعدم ارتياح في ظل نظام أحادي، تركيبته لا تسمح باستيعاب أي قوى تمارس السياسة، سواء جديدة أو قديمة». ولا تُقلق المعركة بين أنصار مبارك والسيسي زميل عبدالمجيد في المركز الخبير السياسي عمرو هاشم ربيع الذي يرى أن «أي معارضة بعيداً من العنف والطائفية يجب أن تكون مباحة». وقال لـ «الحياة» إن «المعارضة السلمية سواء من الإخوان أو من أنصار مبارك لا يجب أن تكون مرفوضة. الخطوط الحمر يجب أن تطاول الطائفية والعنف فقط». وأضاف أن «أي عودة إلى الوراء صعبة جداً. هناك محاولات من نظام السيسي نفسه للعودة إلى الوراء، أحد ملامحها الردة غير المسبوقة في مجال حقوق الإنسان، لكن تلك المحاولات لن تنجح وإذا نجحت في بعض الحالات لن تنجح في أمور أخرى».
مشاركة :