رويترز: عازمين على مراوغة حملات الشرطة ومتخوفين من عقوبة السجن التي سنت حديثا لردع تحويل العملات في السوق السوداء يقود تجار العملة في مصر سياراتهم المحملة بأجولة النقود (أكياس من الخيش)، للقاء العملاء في مواقع سرية بأنحاء القاهرة العاصمة المصرية مترامية الأطراف. وقال تاجر لرويترز بالهاتف في طريقه لشراء الدولارات من عملاء في القاهرة: «الشركة التي كنت أعمل بها مغلقة الآن، وأصبحت أعمل من الشارع. الكثيرون خائفون لكن الشجعان من أمثالي مازالوا يعملون». وفي ظل نقص العملة الصعبة منذ انتفاضة 2011 وما أعقبها من تصاعد العنف وعدم الاستقرار بما يثني الكثير من السياح الأجانب والمستثمرين تحارب مصر السوق السوداء للدولار التي اتسع فرق السعر فيها عن السعر الرسمي للبنك المركزي إلى أكثر من 40 في المائة. وتحمل السلطات المصرية مكاتب الصرافة المسؤولية عن الأزمة، حيث ألقت القبض على تجار وأغلقت عشرات المنافذ وسحبت تراخيص تلك التي وجدتها تتداول العملة أعلى كثيرا من السعر الرسمي البالغ 8.78 جنيه للدولار. وفي التاسع من أغسطس سن البرلمان عقوبة السجن لما يصل إلى عشر سنوات والغرامة حتى خمسة ملايين جنيه على التجار الذين يبيعون العملة الصعبة بأسعار السوق السوداء. وقبل ذلك لم تكن هناك عقوبة السجن ولا الغرامة للمخالفين. ورغم الحملة المكثفة يقول التجار إن السوق السوداء مازالت نشطة وصامدة في الخفاء. وقال مدير مكتب صرافة طلب شأنه شأن الآخرين عدم نشر اسمه: «هناك صعوبة في إجراء المعاملات ومخاطر كبيرة لكن مع تلك المخاطر الكبيرة تأتي الزيادة في الربح ولذا ستستمر تلك السوق في العمل. بطريقة أو بأخرى ستستمر من مواقع غير رسمية.. الفجوة في الأسعار كبيرة وهذا بسبب الحملة الأمنية. إنها سوق يهيمن عليها الخوف، فسعر الدولار تراجع لكنه يعاود الارتفاع؛ لأن الطلب قوي في حين أن المعروض أقل». ويتفاوت الآن سعر الدولار من تاجر إلى آخر بما يصل إلى 50 قرشا نظرا إلى توقف الاتصالات بين مكاتب الصرافة في مواجهة الرقابة المكثفة. وعرض أربعة تجار هذا الأسبوع أسعارا دارت بين 12 جنيها و12.5جنيها لشراء الدولار وبين 12.5 و12.7 جنيه للبيع. ولم يكشفوا عن أحجام الصفقات. وقال هاني فرحات الاقتصادي في سي.اي كابيتال: «لا أعتقد أن الحملة الأمنية ستساعد في خفض أسعار السوق الموازية.. على العكس ستؤدي زيادة الرقابة إلى رفع كلفة الفرصة للمعاملات غير الرسمية وتدفع التجار إلى تقاضي رسوم أعلى ومن ثم زيادة العلاوة السعرية للسوق الموازية». وكانت مصر خفضت قيمة عملتها نحو 14 في المائة في مارس لتغلق الفجوة مع سعر السوق السوداء لكن من دون جدوى نظرا إلى النقص الحاد في العملة الصعبة. وتهاوى صافي الاحتياطيات الأجنبية أكثر من النصف منذ 2011 إلى (15.54 مليار دولار) في الشهر الماضي وهو ما لا يغطي واردات أكثر من ثلاثة أشهر حتى مع قيام مصر بإبقاء الجنيه قويا على نحو مصطنع عبر عطاءات أسبوعية لبيع الدولار. وتهدف الحملة الأمنية إلى كبح الطلب على الدولار في السوق السوداء وإعادة توجيهه صوب مخازن البنوك، لكن مصرفيين يقولون إنها لم تحقق نجاحا يذكر في زيادة حيازات الدولار. وقال مصرفي: «كلما زادوا الحواجز في السوق اتضح عدم فعاليتها، وتجار العملة يواصلون العمل لكن خارج المقار الخاضعة للمراقبة حيث يبيعون إلى كبار العملاء». وأبرمت الحكومة المصرية للتو اتفاقا مبدئيا مع صندوق النقد الدولي على برنامج إقراض مدته ثلاث سنوات بقيمة 12 مليار دولار تأمل أن يسترد ثقة السوق ويجذب استثمارات جديدة لتخفيف أزمة العملة.
مشاركة :