كان منظر مذيعة قناة CNN مؤثرا في النفس وصوتها يتهدج بالكلمات، والعبرة تخنقها، كانت تنظر إلى ذلك الطفل السوري المذهول من فرط الصدمة، يجلس مستسلما على مقعد سيارة الإسعاف بعد أن انتشله المسعفون من تحت أنقاض بيته، الذي كان يضمه وأهله فانهار عليهم جميعا في ثوان تحت قصف الطغيان والبغي!! كان الطفل ذو السنوات الأربع في حالة ذهول تعصر القلب حزنا وألما، كان الدم يسيل على وجهه من رأسه الذي انغرست فيه وفي بعض أجزاء جسده الصغير شظايا النذالة والخسة، ومع ذلك كان صامتا لا يصرخ، ولا يبكي، ولا يتكلم، يمسح الدم من فوق خده وينظر إلى يده المبللة بدمه ثم يضعها جانبه ويواصل صمته!! كان الموقف المرعب أكبر من قدرة عمران الصغير على تحمله، فانعقد لسانه، وظل قلبه الغض يرتجف رعبا كطير مذبوح. أي جرم هذا الذي يرتكب في أرض الشام!! من ذا الذي لم ينفطر قلبه أسى لرؤية الأطفال يتساقطون جرحى وقتلى بيد الإجرام والحقد. سنوات خمس مملوءة بالعذاب والذعر والجوع والخوف، وما زالت عيون العدالة مغمضة لا ترى سوى مصالح الكبار المتنازعين! هذه الحرب الظالمة التي يشنها الأسد على أبناء شعبه دون أن تجد لها رادعا، عرت ضمير القوى العالمية، فتبدت للعيون أنانيتها التي لا تبالي إن فنى العالم بأجمعه ما دام ذلك يوصلها إلى نيل ما تطمع فيه من الشهوات والمغانم. وعندما تصمت القوى العالمية عن قتل وجرح ما يزيد على خمسمائة ألف من الأبرياء، بالأسلحة الكيماوية وقنابل النابالم، وحين تصمت أمام قتل ما يزيد على ألف مدني في يوم واحد كما حدث في الغوطة قبل ثلاث سنوات، فإن هذا الصمت يصير هو في حد ذاته جريمة تحتاج إلى تفسير!! كيف يمكن أن يفسر سكوت القوى العالمية على بقاء هذا الوحش مفترس الأطفال، الذي يتنكر في زي إنسان، هل أصاب العالم ذهول كذهول عمران لفرط ما تبدى لهم من وحشيته؟!! مهما بلغ من تعقد إيجاد حل لمشكلة الوضع القائم في سورية، فإن أدنى درجات الإنسانية تلزم القوى العالمية أن تتدخل على الأقل لتفرض منطقة حظر للطيران لمنع الطائرات من هذا القصف المجنون الذي يستهدف المناطق الآهلة بالسكان فيمطرها بالمتفجرات بلا أدنى حس إنساني، أما إن لم تفعل فإن أقل ما توصف به أنها شريكة في التوحش والإجرام، وأن عليها أن تخرج نفسها من دائرة الإنسانيةّ!! azman3075@gmail.com
مشاركة :