مشهد 1: تفتح الستارة على ديكور ديوانية يجلس فيها ثلاثة أشخاص يعطي كل واحد منهم ظهره للآخر، ويقول الأول بحماس (أصلاً هذا حرامي وكل اللي سواه معروف)، يقول الثاني وكأنه على كرسي إفتاء (لا يا معود هذا فقير منتف كان ساكن بفريجنا.. هذه الوسايط اللي خلته جذي)، يبتسم الشخص الثالث وهو يقول (الأكيد عندي أنا، يقولون إنه تزوج بنت فلان الفلاني، وأهي اللي صرفت عليه). تغلق الستارة... ولا يبتسم الجمهور. مشهد 2: تفتح الستارة على ديكور مهرجان يتسلم فيه أحد الأشخاص جائزة.. وفي صفوف الجمهور حيث الإضاءة الخافتة يدور هذا الحوار: كمبارس 1: ورب الكعبة ديرة بطيخ... اشمعنا هذا يعني؟ كمبارس 2: أصلاً حتى الفايز الثاني ما يستاهل. كمبارس 3: يا جماعة المهرجان كله مسوينه حق عيالهم. تغلق الإضاءة ثم يخرج راوي المسرحية ويقول: (ويضيع صدى صاحب الجائزة... ولا يبقى في البلد سوى صوت الكومبارس). وتغلق الستارة... والجمهور لا يصفق. مشهد 3: تفتح الستارة على ديكور مؤسسة حكومية، وفي وسط خشبة المسرح يقف أحد المسؤولين وهو يدور حول نقطة ارتكاز غير مرئية، وفي الوقت نفسه يدور داخله منالوج بصوت مرتفع (كلمة الحق لم تترك لي صديقا في الديوانية، ومصاريف البيت لم تترك لي رصيداً في البنك، وإذا اشتغلنا بما يرضي الله، فلن يرضى علينا (الربع)، صحيح أن الإخلاص والإحسان ممكن يوصلانني للنجاح وللجنة، ولكن (الربع) ممكن يوصلونني للوزارة، وليس بالخبز وحده يحيا الإنسان... ولكن بالمنصب أيضاً). يقف المسؤول عن الدوران وهو يشعر بمدى ألم الاختيار ثم يتلاشى مع نقطة ارتكازه غير المرئية. وتغلق الستارة... ولا يصفق الجمهور. أنا آسف عزيزي القارئ إذا كنت حاولت اليوم أن أرتدي زي المؤلف المسرحي، رغم أن هذه المسرحية لا تليق حتى بمسرحية مدرسية بأدواتها البسيطة إلا أنني شعرت بأنها الوسيلة الأنسب لإيصال فكرتي لك. ربما تكون عرفت الفكرة من دون أن أشير إليها، بل ربما تكون قد وصلتك فكرة أجمل من تلك التي أردت أن أقولها، وربما كان تفكيرك في كل شيء عدا فكرة المسرحية نفسها... عموماً وبعيدا عن كل (الربماهات) السابقة، إذا ضاقت بك السبل لمعرفة السبب وراء هذه المشاهد الثلاثة، فما عليك سوى أن تقرأ عنوان المقال. أما المشهد الرابع في هذه المسرحية فقد تركته لك أنت عزيزي القارئ لكي تملأ فراغه، فتستطيع أن تملأه أنت بقصة نجاحك أو قصة إحسانك والتي حاربك فيها أناس تعرفهم.. عندها ربما تستشعر أكثر ما قاله العالم الكبير أحمد زويل رحمه الله «الغرب ليسوا عباقرة ونحن لسنا أغبياء، هم فقط يدعمون الفاشل حتى ينجح، ونحن نحارب الناجح حتى يفشل». كاتب كويتي moh1alatwan@
مشاركة :