قال الشاعر صفي الدين الحلي : المرء بالعقل مثل القوس بالوتر إن فاتها وتر عدت من الخشب الإمام الغزالي له عبارة تقول (خاطبوا الناس على قدر عقولهم) والعقل يقول إن الكويت دولة مدنية وليست دينية ويحكمها دستور ينظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم وينظم شؤون الحياة لكل من يعيش على هذه الأرض.من هذا المنطلق نعتقد أن إعلان النائب د. عبدالرحمن الجيران إنه سوف يعيد عقوبة الجلد العلني في ساحة الصفاة ﻻتتفق مع نظام الدولة المدنية وأنه ﻻيستطيع أن يفرض هذه العقوبة وحده لأن تصريحه يوحى بالثقة أنه قادر على إعادة الجلد العلني إلى ساحة الصفاة فالكويت هي دولة مؤسسات حتى المراسيم الأميرية يستطيع رفضها مجلس الأمة والعكس صحيح فلو أقر مجلس الأمة على قانون تستطيع الحكومة أن ترده وترفضه . أتذكر أن في مجلس الأمة سنة 1981 وقع 47 عضوا على طلب تعديل المادة الثانية من الدستور حتى تكون الشريعة المصدر الوحيد للتشريع وتم تقديمها إلى أمير الكويت في ذلك الوقت الشيخ جابر الأحمد رحمه الله وطيب ثراه وقد كان رد الأمير هو الرفض لأن أي تعديل على الدستور يحتاج إلى موافقة ثلثي المجلس وكذلك موافقة الأمير واقتراح النائب د. الجيران يتعارض مع الدستور الكويتي لأنه رفض اعتبار الشريعة المصدر الوحيد بل هي أحد مصادر التشريع وهذا اﻻقتراح توجد به شبهة دستورية علاوة على أن من الصعب إقناع 34 عضوا للموافقة على هذا اﻻقتراح الذي حتما سوف ترفضه الحكومة وهنا يحتاج إلى موافقة 44 عضوا وهو يعد ضربا من المستحيل لهذا نقول للنائب الدكتور الجيران أن يوفر الوقت والجهد ويصرف النظر عن هذا اﻻقتراح فهو نوع من الهذيان وإضاعة الوقت لأن عقارب الساعة ﻻتعود للوراء ونظام الجلد العلني كان معموﻻ به قبل وضع الدستور وهناك قانون للجزاء ينبغي اﻻلتزام به. الملفت في اقتراح النائب د. عبدالرحمن الجيران هو أنه اختزله في جريمتي الزنا واللواط فهو يقول إن هذه الجرائم تستوجب تطبيق حد الجلد وذلك للحد من إيواء الخادمات المتغيبات في شقق مشبوهة لممارسة الدعارة وهو عذر أقبح من ذنب لأنه حول هذه السلوكيات الفردية إلى ظاهرة ونسي أن هناك جرائم تستحق الإعدام وليس الجلد ولكنه لم يذكرها نهائيا واختزل عقوبة الجلد في جريمتي الزنا واللواط .تمنيت لو بدأ النائب الجيران بتجار الإقامات وكذلك التجار الجشعين الذين يرفعون الأسعار بشكل مصطنع وتجار العقار الذين رفعوا الإيجارات إلى أرقام خيالية رغم أن أسعار العقارات قد انخفضت . أيضا تمنيت لو ذكر النائب الجيران أن عقوبة الجلد سوف تطبق على أصحاب شركات المقاوﻻت التي تتعثر في تنفيذ المشاريع حتى تحصل على أوامر تغييرية ترفع أسعار المشاريع إلى أضعاف مضاعفة. أيضا تمنيت لو أن هذا اﻻقتراح يطبق على القياديين في الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية الذين يستغلون مناصبهم للإثراء السريع وتضخم أرصدتهم في البنوك وكل موظف يتهاون في أداء عمله ويبتز المراجعين بتقديم هدايا ورشاوى وكل من يتعدى على المال العام من الوزراء والأعضاء لأن الملاحظ أن هذه المناصب هي أسرع الطرق للثراء السريع. تمنيت أن يطبق هذا اﻻقتراح على تجار المخدرات والخمور وليس فقط السائق الذي يهرب هذه الممنوعات فلم نسمع يوما عن القبض على تاجر مخدرات أو خمور إنما نسمع عن القبض على صغار المروجين وترك الكبار يسرحون ويمرحون. إن القوانين ينبغي أن ﻻيتم تفصيلها على فئة معينة مثل مرتكبي جريمتي اللواط والزنا ولكن ينبغي أن تشمل كل من يأكل حقوق الناس ويتعدى على المال العام ويزعزع أمن واستقرار البلد فهناك للأسف شيوخ دين يشجعون على الإرهاب ويشيعون خطاب الكراهية ويمولون الإرهاب عن طريق التبرعات ويثيرون الفتن في المجتمع وهؤﻻء في نظري أخطر بكثير ممن يرتكب الزنا .نأمل من الأعضاء المحسوبين على التيارات الدينية أن يقتنعوا أن هناك دستور يحكم الكويت الدولة المدنية وﻻيكونوا أوصياء على الناس بسن قوانين تطبق على فئة من الناس وتنسى الفئات الأخطر على أمن واستقرار البلد وأن يركزوا على قضايا التعليم والصحة والتنمية وﻻيشغلوا أنفسهم في قضايا صغيرة تافهة ويسوون من الحبة قبة . أحمد بودستور
مشاركة :