زنجبار هو الاسم ذاته الذي يستدعي إلى مخيلتك نسمات البحر المالح، التي تحمل معها رائحة المخلوقات الغريبة الطافية في المياه الزرقاء الكهربائية قبالة الساحل الشرقي لتنزانيا، فقد صارت هذه البقعة المحاطة بمياه البحر مرادفة لوجهات شهر العسل المقدسة، يتميز هذا الشاطئ بجماله الفردوسي الشاسع، حيث لم يتوقف عنده إلا القليل من الناس، ليكتشفوا المزيد من شريان الحياة على شواطئ تنزانيا، ولكن لأولئك الذين يعرفونها عليهم أن يعرفوا أيضاً أن الساحل الجنوبي الشرقي من تنزانيا فيه كل ما في زنجبار، ماعدا عدد سياحه. شريان الشاطئ عندما يأتي الحديث عن الشواطئ التي بها المرجوحات الشبيكة التي تبعث على الراحة والسكينة، فإن اليابسة يمكن أن تلقن جزيرة التوابل درساً أو درسين، فككل المدن الساحلية والواجهات ذات المياه الفيروزية، والرمال البيضاء النقية وما بينهما المئات من الشواطئ المعروفة، يمر بهذا الشاطئ صيادون لكنهم يعدون غريبي الأطوار، أما منتجع كوتاني فليس بعيداً من هنا إلا قليلاً، حيث يمكنك الوصول إليه بسهولة من دار السلام، حيث يتسم شاطئه بمزيج من صخب المحيط الهندي الحالم، والهدوء المطلق مع توفر أماكن إيواء فاخرة للسياح. حياة السواحلي إن التاريخ الذي يتحدث عن السواحليين يرقد على امتداد ساحل إفريقيا الشرقي بين ثنايا حطام مدن ومساجد سواحلية جريحة تحللت على نحو بطيء، إضافة إلى السجون الرطبة التي كانت مستودعاً للرقيق، وبقايا آثار عهد الاستعمار البغيض، ومع ذلك تعد المدينة السواحلية كيلوا كيسواني من المدن التنزانية التي تمت المحافظة عليها في جنوب شرق البلاد، ولكن إذا وددت أن تجد شيئاً يجمع بين كل أساسيات التجربة السواحلية، فلا تنظر إلى أبعد من مدينة ميكنداني التي ترقد مسترخية وهادئة بالقرب من حدود موزمبيق، فهنا تجد ذكريات تجارة الرق في المدينة، وإرث العهد الاستعماري الأوروبي، ومساكن سواحلية تقليدية بالعشرات، إضافة إلى السواحل الوادعة ووجبات السمك مع غروب الشمس، كما يوجد مرفأ صغير يعج بالمراكب الشراعية، وأشجار النخيل الراقصة، والسواحل المملوءة بالشعب المرجانية، في حضرة السكان المحليين الذين يتمتعون بالبدانة، وهم من ذوي الوجوه الباسمة. منتجع جبال مهالي الوطني خلافاً لكونها من أفضل الوجهات السياحية في العالم لإمكانية رؤية السياح لقرود الشمبانزي عن قرب، يتميز منتجع مهالي الوطني التي يقع على ساحل بحيرة طانجانيكان في غرب تنزانيا، بروعة طبيعته وجماله الأخاذ، أما التلال الغابية فتنحدر نحو شاطئ البحيرة، كما أن جبل كنغاوي المغطى بالضباب يظهر في الخلفية، بمياهه النقية المتدفقة وأسماكه التي تصدر ضجيجاً بأذيالها عندما تضرب الكهوف الرملية البيضاء. إن هذا المنتجع الذي هو من المنتجعات البعيدة في تنزانيا وأجملها، يعد موطناً لقرود الشمبانزي، حيث يعيش فيه حوالي 1700 شمبانزي في مساحة تقدر ب 1613 كم مربع، ولكن النقطة المحورية بالنسبة للسياح هي سلالة قرود ميمكيري أو السلالة م التي كانت مادة بحثية لأربع عقود، فبرغم أن السلالة م من الشمبانزي تستوطن هنا بشكل جيد، إلا أنه من الصعب رؤية علاقتها بالإنسان، فلا تنسى أن تقوم بارتداء بنطال طويل، ووضع أحذية قوية واعتمار القبعة ولبس القناع الواقي، هذه المعينات يتم توزيعها على كل السياح من قبل إدارة المنتجع مع تحرك الرحلة إلى المنتجع، وكذلك كن على استعداد لرحلة مضنية للخوض في الغطاء النباتي الكثيف. قد لا يقع بصرك على أي قرد من قرود الشمبانزي من المحاولة الأولى، ولكن لن يمر يومان أو ثلاثة أيام دون أن ترى واحداً منها، فهذه التجربة سوف تأسرك، إذ إن القرود تمر بسرعة فائقة، وبحركة سريعة بالقرب منك، وأنت تسير في دربك بدون سابق إنذار، ومن ثم تلمح عدة قرود تجمعت فوق قمم الأشجار العالية بوضوح، فلمتعتها تمر رحلة الساعة المقررة من قبل إدارة المنتجع في لمح البصر. وخلال المواسم المطيرة، من نوفمبر/ تشرين الثاني، وحتى مايو / أيار، تقضي قرود الشمبانزي أكثر أوقاتها وسط الأشجار، حيث يعد العثور عليها أمراً صعباً، ففي ذروة الأمطار، من مارس / آذار إلى مايو / أيار، تصبح المسارات مزعجة، أما في فترة المواسم الجافة من يونيو/ حزيران إلى أكتوبر / تشرين الأول، تقل كثافة النباتات، وكذلك تنزل قرود الشمبانزي من قمم الأشجار إلى الأرض بالقرب من المدخل الرئيسي للمنتجع بحثاً عن الغذاء. بحيرة تنجانيقا في خضم الرحلات المتعاقبة لقرود الشمبانزي ستغويك بحيرة تنجانيقا بالغوص والتجديف في مياهها، إضافة إلى غزوات مراقبة التماسيح وفرس البحر، فالغابة حول المدخل الرئيسي للمنتجع مملوءة بالطيور، مثل طير غينيا، وطيور الهورنبيلس، وكينغ فشرز والكثير منها التي يمكن رؤيتها بسهولة خلال جولة قصيرة، وفي وقت الأصيل يكون مشهد غروب الشمس ساحراً فوق تلال الكونغو في الأفق الممتد مع الأنوار الصغيرة المنبعثة من قوارب الصيد السابحة في عرض البحيرة. جبل نكنغوي فأي سائح يملك طاقة وزمناً إضافياً، يمكنه تسلق جبل نكنغوي الذي يبلغ ارتفاعه 2,462 م، حيث يمكن أن تكون مغامرة مثيرة للغاية، فالتسلق في هذا الجبل يعتمد على الوقت من العام، إذ يمكنك شق طريقك إلى الجبل من خلال الأعشاب الطويلة، فأجمل ما فيه هو عزلته والهدوء الذي يتمتع به، حيث تتسكع الأفيال والزرافات وحتى الأسود حول المنحدرات الشرقية من الجبل، فمن الضروري الذهاب في معية دليل مسلح، ومع ذلك، فإن الدخول في مواجهة مع هذه الحيوانات المتوحشة نادراً ما يحدث، ولكن المواجهة شائعة مع الظباء السمراء أو حيوانات الشهيم أو الخنازير البرية المنتشرة، فقم بتخصيص يومين للتسلق فيه، إلى جانب يوم واحد لرحلة العودة منه، حيث التخييم في الطريق، فلو أعجبتك رحلة العودة يمكنك أن تقضي يومين آخرين مخيماً. ميناء كيغوما أما كيغوما المدينة الرئيسية والميناء القريب، فتبعد حوالي 130 كلم شمال مهالي قبالة الضفة، فهذه العزلة المجيدة تجعل الوصول والعودة من المنتجع أمراً مسلياً، كما يمكنك أيضاً أن تحلق بطائرة مستأجرة من شركة زانتاس في أروشا لرؤية المناظر الخلابة من فوق جبل مهالي أو من دار السلام العاصمة السابقة، وأيضاً يمكنك استئجار قارب سريع يستغرق من 4 إلى 5 ساعات من كيغوما، يتم حجزه من بالي بالي أو من بحيرة شور لودج بقرية كيبيلي، الواقعة جنوب المنتجع. شريان الجزيرة إذا ضايقك زحام زنجبار كثيراً، اتجه 160 كيلومتراً جنوباً حتى تصل إلى جزيرة مافيا، فهي جزيرة صغيرة الحجم، ويوجد عدد قليل من السياح، مع أشجار البابو المشرقة ذات الغصون الخضراء واليانعة، وغابات المانغروف التي تتخللها منزلقات رملية ناصعة البياض، والجزر الرملية المتألقة، والأطلال القديمة التي لا يعرف عنها الكثير، فالصخب يسرى في دمك رويداً رويداً حتى يتمكن منك لتشعر به بين أضلاعك. الحياة البرية يأتي الناس إلى شرق إفريقيا لرؤية الحيوانات الخمسة الكبار، ولكن ماذا عن السلاحف التي تزحف بتكاسل في الشواطئ المقمرة، وسحائب قوس قزح من الأسماك الاستوائية ؟ أو أسماك القرش التي تصك أسنانها وسرب الطيور المزينة بأصواتها الجميلة والمحببة ؟ مع أماكن الغوص الآمنة ذات المواصفات العالمية، فضلاً عن منتجعات الحياة البحرية، مثل خليج مانزي ومنتجع روفيولا أستوري البحري ومنتجع جزيرة مافيا البحري، فتنزانيا الساحلية مفعمة بالحياة أيضاً في شقها البري، ومع ذلك، فلو لم تعجبك الخمسة الكبار أذهب إلى رحلة برية تستغرق ساعات عدة حتى تصل إلى حوض سيلوس غيم، فهي إحدى أكبر المحميات في إفريقيا، حيث تربض على مساحة تبلغ 48 ألف كم، أي ما يعادل 5% من مساحة تنزانيا، حيث تشتهر الحياة البرية لشرق إفريقيا بغابات السافنا الشاسعة التي بها أشجار السنط الرقطاء.
مشاركة :