حافظ الشمري| بتناغم موسيقي عصري، وبروح مفعمة بالإرث الحضاري الطويل عبر لوحات ثرية تحاكي مسيرة موسيقية عالمية خالدة، قدم أوركسترا لندن سيمفوني يوم أمس الأول عرضا محملا بالفنون الموسيقية الحالمة، والتي أعادت إحياء موسيقى القرن العشرين، وذلك على خشبة المسرح الوطني في مركز جابر الأحمد الثقافي، بحضور يعتبر الأضعف إقبالا قياسا على حضور الحفلات السابقة. في البداية قدم الفرقة باللغتين العربية والانكليزية عبدالخالق العلي من مركز جابر الاحمد الثقافي، الذي بيّن أن أوركسترا لندن سيمفوني عمره 113 عاما ويعتبر الأقدم في لندن، وهذه هي الزيارة الأولى لدولة الكويت، لافتا إلى دور قائد الأوركسترا، ألكسندر بلوخ، والسيمفونيات الرائعة التي تمتلكها الأوركسترا عبر تاريخها الطويل. طابع عصري العرض الأوركسترالي غلب عليه طابع المقطوعات الموسيقية العصرية بقيادة قائد الأوركسترا المايسترو الفرنسي ألكسندر بلوخ، الذي كان شعلة من النشاط والحيوية بتحركاته وتفاعله وحماسه مع المقطوعات، إلى جانب الإمكانات المهارية العالية لعازف آلة الكمان رومان سيموفيك، وأيضا الحضور القوي لعازف آلة الأوبوا أوليفييه ستانكيفيتش، اللذين أبهرا الحضور بعزفهما الفريد الذي سحر الحضور، ومع تناغم وانسجام واضح مع الأوركسترا. رومانسية وتناغم كانت الانطلاقة مع عرض «ليونارد بيرنساتين» وهي عبارة عن رقصات سيمفونية مستوحاة من قصة «الحي الغربي» عبر طابع رومانسي متناغم متجانس مع الموسيقات العريقة، فتلاقت أرواح القصة والعزف الجماعي والمنفرد من خلال خيالات خصبة مفعمة بالأحاسيس الإنسانية والعاطفية، ونسجت حكاية سيمفونية محملة بالمقطوعات الموسيقية تراقصت فيها العيون، مطرزة بطبيعة وجمال وعذوبة ورومانسية حركت مشاعر القلوب من خلال عرض موسيقي ضخم لم يكن عاديا. مهارات «سيموفيك» وفي المشهد الثاني للحفل كان الحضور يترقب المزيد من الجرعات الموسيقية من الفنون العالمية العريقة، فكان عرض «سيرغي بروكوفييف» من خلال أداء متقن لعازف الكمان رومان سيموفيك، عبارة عن المقطوعة التاسعة عشرة من الكمان الرقم واحد، بمشاركة لافتة من عازفي الأوركسترا، كما أبهر سيموفيك بالأداء المتقن وبمهاراته الجميلة في العزف، والذي حمل طابعا من الرومانسية والأداء الموسيقي العصري الحديث، وبعد ذلك خلد الحضور إلى فترة من الاستراحة إثر نسيج ساحر من الموسيقات الخصبة المتنوعة.سيمفونية حالمة وتواصل العرض الأوركسترالي الفريد، حيث قدم عرض بيتر إليتش تشايكوفسكي، وهو ما يسمى السيمفونية الرابعة من المقطوعة السادسة والثلاثين، والتي حلقت في سماء الموسيقى عاليا مطرزة بثراء وأداء واحتراف متناغم ساحر، فامتزج العازفون في سيمفونية موسيقية حالمة متناغمة عبر توليفة متنوعة من الآلات الموسيقة، وقدمت الأوركسترا الأولى للمرة معزوفة موسيقية لأغنية «آه يا روحي» للفنانة القديرة عالية حسين، وهي من تأليف أحمد القلاف. مسيرة عريقة تأسست أوركسترا لندن سيمفوني في عام 1904، بهدف تقديم أرقى أنواع الموسيقى لأكبر عدد من الجمهور، وهي تواصل تحقيق هذه الرسالة بأسلوب فريد ومتميز، وتقدم الأوركسترا 70 عرضا سنويا في مركز «الباربكان» في لندن وهو مقرها الدائم، إضافة إلى ما تقدمه من خلال جولاتها الفنية في أرجاء بريطانيا وحول العالم. أضعف الحجوزات يعتبر استقطاب أوركسترا لندن سيمفوني بحد ذاته خطوة متقدمة للقائمين على مركز جابر الاحمد الثقافي والجهة المنظمة لتلك الفعاليات، لكن يبدو أن الثقافة المجتمعية في الكويت لم تهضم تلك الفنون جيدا حتى الآن، وربما لا يزال الوقت مبكرا على استيعاب مثل تلك النوعية من الفنون الموسيقية العالمية، فرغم أنه في لندن وأوروبا لا يوجد أي مكان في المسرح والناس يصطفون في الخارج بالألوف طلبا لحضور العرض، نجد أن نسبة الإقبال في الحجز لهذا الحفل تعتبر الأضعف على مستوى الحفلات السابقة، ولا يقاس بحفلات غنائية سابقة، لكن تبقى عملية استقطاب هذه الفرق العالمية مسألة حتمية لدار الأوبرا في الكويت، كما يسجل للقائمين عليها أنهم لم يفتحوا الباب للدخول المجاني لكون الأوبرا ملتزمة بالضوابط والأسس التي قامت عليها.
مشاركة :