في الماضي، ترسّخت صورة ذهنية لأميركا بأنها صديقنا الوفيّ الذي يُعوَّلُ عليه في السلم والحرب!. كُنّا دائماً نفتخر ونستحضر ذكرى أول قمّة سعودية أميركية بين الملك عبدالعزيز وبين الرئيس روزفلت في عام ١٩٤٥م على ظهر السفينة «كوينسي» قبل مؤتمر يالطا الذي أرسى قواعد السلام بعد الحرب العالمية الثانية!. ورغم اختلاف الدين واللغة والثقافة إلّا أنّ ذلك لم يمنع تعزيز صداقتنا، فربطنا مصالحنا بمصالحها، وريالنا بدولارها، وبترولنا بشركاتها، واستهلاكنا بصناعاتها، وودائعنا المالية ببنوكها، وطلابنا بجامعاتها، وتبرّعاتنا بكوارثها الطبيعية، ممّا لم يفعله حتى حلفاؤها المُقرّبون ضمن حلف الناتو!. والآن وبعد الوقائع المُنكشفة في العراق والمُهدِّدة لأمننا القومي، أتساءل: هل أميركا صديق أم عدوّ؟ وضربْتُ العراق مثلاً لأنّ ما فعلته أميركا فيه صار ضدّنا، فقد سلّمته لإيران على طبق من ذهب بعد إزالتها لصدّام حسين بحجّة امتلاكه لأسلحة الدمار الشامل، فاستنسخت إيران نفسها فيه بحكومات وميليشيات طائفية، وكُنّا قبلها نجد صعوبة في التعامل مع إيران واحدة صانعة للمشاكل ومُصدِّرة للفوضى، فأصبحنا نتعامل مع اثنتين، واحدة بنكهة فارسية والأخرى بنكهة عربية ومتحوّلة سريعاً وتدريجياً لمصدر عداء، بل أنّ إيران المُستنسخة في العراق أشدّ عداءً، وأميركا دولة مُنظّمة وليست عشوائية، ولا تنفذ صغيرةً دون تخطيط مُسبق غايةً ووسيلة، فما بالكم بكبيرةٍ مثل تسليم العراق لإيران؟ وهي تعلم ما تكتم إيران الأصلية والمُستنسخة في صدريْهما من إرث تاريخي حاقد، وحتى لو لم تُخطّط أميركا لذلك فإنّ المُحصّلة هي ضدّنا، وسكوتها الحالي عمّا تجنيه إيران من العراق وتغاضيها المحتمل عن تجاوزاتها في ملفّ السلاح النووي يُعيد التساؤل بإلحاح، هل أميركا صديق أم عدوّ؟ أجيبوني يا رعاكم الله!. @T_algashgari algashgari@gmail.com
مشاركة :