تحقيق: محمد إبراهيم لا شك أن التطورات التي يشهدها العالم اليوم في المجالات كافة، دعت الكثير من النظم والحكومات، لتتساءل عن موقع أبنائها في المدارس من تلك التطورات، في ظل التعليم القائم على المعرفة، فضلا عن ثورات التكنولوجيا وعلوم الحاسوب والبرمجة، التي باتت لغة العصر، إذ يُعول عليها الآن لتغذية عقول الأجيال بمفاهيم جديدة تواكب مسارات الإبداع والابتكار، التي يحملها لهم المستقبل. في وقت أدركت الإمارات، أهمية تلك العلوم في تربية النشء، وبناء أجيال المستقبل، فجاءت توجيهات القيادات الرشيدة للدولة، لإحداث نقلة نوعية في التعليم، تكون قاعدتها الابتكار وقوامها علوم الحاسوب والبرمجة، ومخرجاتها أجيال تحاكي مجتمع المعرفة، وتستطيع أن تواكب المتغيرات، وتحقيق التنافس عالمياً في شتى المجالات، وتدرك التحليل العلمي والمنطقي للمفاهيم الحياتية، والتفكير الناقد وحل المشكلات. في نظرة ثاقبة لمسارات خطة تطوير التعليم الشاملة لوزارة التربية والتعليم، التي تم اعتمادها مؤخراً، نجد أن علوم الكمبيوتر والبرمجة، احتلت حيزاً كبيراً، على خريطة تلك الخطة، من خلال منهاج دراسي مقرر ومتسلسل، يبدأ مع الصف الأول حتى الثاني عشر، ويحتوي على تطبيقات عملية بنسبة 80% وشرح نظري بسيط بنسبة 20%، لتزويد الطلبة بمهارات التكنولوجيا التي تؤهلهم لمجابهة تحديات المستقبل ومواكبة سوق العمل، وتحقيق التنافسية في شتى التخصصات في عالم يتسم بالديناميكية، والتغير. وأكد خبراء وتربويون، أن المعرفة اتخذت أشكالاً جديدة في عصر التكنولوجيا الرقمية، ولم تعد العلوم البسيط القراءة والكتابة والحساب كافية، لتثقيف الأبناء، وإعداد جيل العلماء، معتبرين أن البرمجة وعلوم الكمبيوتر لغة المستقبل، لقادة الغد، لاسيما أن البرمجيات أصبحت اللغة الجديدة التي تحكم عالمنا، بدءاً من اتصالاتنا البسيطة ووصولاً إلى المعاملات اليوميّة، مضيفين أن إدراجها ضمن المناهج كان أمراً غاية في الأهمية ولا محالة. الخليج تناقش في هذه الحلقة من سلسلتها، تطوير التعليم، عدداً من الخبراء والتربويين والمعلمين وأولياء الأمور والطلبة، للوقوف على أهمية علوم الكمبيوتر في تعليم الأبناء في المراحل الدراسية كافة، وكيف ستكون أجيال الإمارات بعد 10 سنوات من الآن، تحت مظلة علوم البرمجة. العمالة الماهرة في مطلع حديثه، أكد الخبير الدكتور أحمد الدسوقي، أستاذ علوم الحاسوب والبرمجة، أهمية تطوير المناهج الوطنية لإتاحة فرصة دراسة البرمجة وعلوم الحاسوب، لكل طفل في النظام التعليمي، بدءاً من سن الخامسة، وصولاً للدراسات العليا، لاسيما أن الطلبة حول العالم، في مراحلهم العمرية كافة، يرتبطون بشكل متزايد بمبادئ التشفير، أو برمجة الحاسوب، موضحاً أن هذه المعرفة مهمة ليس فقط بالنسبة لمستقبل الطالب، بل للتنافسية المستقبلية لبلادهم أيضاً، فضلاً عن قدرة صناعة التكنولوجيا على العثور على العمالة الماهرة. وقال إن الفائدة من تعلم لغات البرمجة، هي ذاتها الفائدة المرجوة من اقتناء جهاز الحاسوب، حيث إن الطالب لا يستطيع فهم ما يدور في حاسوبه، ولن يستطيع أن يفهم سبب الأخطاء التي تظهر له وماهيتها، إلا من خلال تعلم لغات البرمجة، فضلا عن أنها باتت لغات العصر تماما مثل اللغة الإنجليزية. المبرمج المحترف وأوضح أن أسواق العمل في مختلف دول العالم، تركز على المتخصصين في علوم الكمبيوتر والبرمجة، لاسيما بعد أن هيمنت على جميع مناحي الحياة، فهناك برامج التصميم وإدارة الشبكات وإنشاء مواقع الإنترنت، التي باتت الأكثر شيوعاً في السنوات القليلة الماضية، موضحاً أن البرمجة تحاكي المنطق البشري، ولم تنشأ من فراغ، وينبغي وضع محو الأمية في علوم الكمبيوتر والبرمجة، في مقدمة أولويات الدول والحكومات، كهدف قومي، يجب تحقيقه لمجابهة تحديات المستقبل ومتغيراته المتسارعة. وأضاف: لكي يستطيع الطالب أن يكون مبرمجاً محترفاً، لا بد أن يراعي أهم صفة بالبرمجة، التي تكمن في التحليل والمنطق السليم، أي يجب أن يحدد غرض وهدف البرنامج، ثم يقوم وبأسلوب منطقي بوضع خصائص ونهج لهذا البرنامج. وحول مدى صلاحية لغة البرمجة المعلوماتية الحالية لاستخدامها غداً، قال الدسوقي، إن التكنولوجيا تتغير ولكن العقل والمنطق لا يتغيران. المهم اليوم حتى في التعليم المتوسط والثانوي ليس تعلم لغة معينة أو تكنولوجيا معينة، وإنما تعلم حلول للمشاكل عن طريق البرمجة. شراكة حقيقية من جانبه قال مات طومبسون، مدير المشاريع في مجموعة أف وأي التعليمية: ينبغي أن تشهد المرحلة المقبلة شراكة حقيقية بين كبرى شركات التكنولوجيا في العالم، والنظم التعليمية في مختلف البلدان، وفقاً لأهداف ورؤية موحدة، وتأمين التواصل الفاعل، لتعزيز قطاع التعليم رفع معايير الجودة والمخرجات تحت مظلة التكنولوجيا، موضحاً أن منطقة الخليج تتصدر لائحة الدول التي تعتمد المبادرات التعليمية، الموجهة نحو التكنولوجيا في الشرق الأوسط، بفضل برامج متنوعة كمبادرة التعلم الذكي في الإمارات العربية المتحدة الذي يهدف إلى تزويد جميع المدارس الرسمية للتعليم الأساسي والثانوي بأجهزة لوحية شخصية بحلول العام 2017، مؤكداً أن هذا المسار مهم، لإعداد أجيال مجتمع المعرفة، المتسلحين بالعلم والمعرفة، ويعد فرصة جيدة للطلبة للاستفادة من مناهج علوم الحاسوب والبرمجة. وأضاف: تستخدم حالياً أكثر من 90% من المؤسسات التعليمية في الخليج الحواسيب النقالة والأجهزة اللوحية. ووفقاً لمؤسسة البيانات الدولية، تفرض 60% منها سياسة أحضر جهازك الخاص، وهذا يعكس أهمية استخدام التكنولوجيا في التعليم، مؤكداً أهمية التعمق في الاستفادة منها وتعليم ماهيتها ومحتوياتها، وكيفية توظيفها وبرامجها في التعامل مع الأمور الحياتية كافة. مورد رئيسي وفي وقفة مع التربوي منصور شكري، قال إن التكنولوجيا باتت مورداً رئيسياً للمعرفة، ونعول عليها في الميدان التربوي لتحقيق جودة المخرجات، مضيفاً أن الإمارات حققت إنجازات ملحوظة نحو إقامة مجتمعات واقتصاد المعرفة، وتمتعت ببنية تحتية ومعلوماتية متطورة، واقتصاد قوي، وامتلكت إرادة سياسية أدركت أهمية بناء هذا المجتمع الابتكاري، وإرادة مجتمعية صادقة تفهمت ضرورة اللحاق بركب الدول المتقدمة، وشباب يعي مفاهيم التغير وأهميته، لمواكبة التوجه العالمي الذي يحاكي صناعة الإبداع، ووجود منهاج لعلوم الكمبيوتر والبرمجة، نتيجة طبيعية لكل هذه المعطيات، لإعداد أبناء الإمارات وفق المعايير العالمية والاتجاهات الحديثة. أما صالح فاضل مدير مدرسة، فيرى أن تدريس البرمجة وعلوم الكمبيوتر، أصبح مطلباً ملحاً، في تلك المرحلة التي تتلاحق فيها المتغيرات والتطورات بشكل يصعب استيعابه، فضلاً عن أن البرمجة باتت مصدراً رئيسياً للمعرفة، وأحد المقومات المهمة لمجتمع واقتصاد المعرفة، وهذا هدف رئيسي وضعته القيادة الرشيدة للدولة على رأس أ ولوياتها. وأضاف أن الاتجاهات الحديثة في تطوير المناهج تنعكس إيجابياً على المسارات التي رسمتها وزارة التربية لتحقيق الاستدامة في التعليم، التي تتمثل في إدخال مفاهيم الحديثة في المناهج والمقررات الدراسية، ومضمونها العلمي ومحتواها الثقافي، التي تعزز الهوية الوطنية، وتنمية مهارات القرن 21 لدى الطلبة. مهارات القرن21 من جهتها قالت ريهام السيد معلمة الحاسوب في مدرسة نبراس الإيمان بالشارقة، إن منهاج الكمبيوتر والبرمجة، يلعب دوراً مهماً في إعداد طلبة الإمارات لمجتمع المعرفة مسلحين بمهارات القرن الحادي والعشرين، لاسيما أن البرمجة تعد لغة العصر التي تحاكي أجيال الغد، حيث تركز على مفاهيم الإبداع والابتكار والتفكير الناقد والتحليل العلمي والمنطقي. وجاءت معايير علوم الكمبيوتر ضمن منهاج دراسي مقرر ومتسلسل، يبدأ مع الصف الأول حتى الثاني عشر، لتزويد الطلبة بمهارات تكنولوجيه تؤهلهم لمجابهة تحديات المستقبل، وتساعدهم في تحقيق النجاح في عالم اليوم الذي يوصف بأنه عالم، بات أكثر ديناميكية، وتطبق الصفوف من 10 إلى 12منهاج علوم الكمبيوتر حالياً. وأضاف أن المادة ارتكزت على أربعة مجالات مهمة، قوية في المضمون، دقيقة في الأهداف، تتمثل في Digital Literacy and Competence - Cyber Security, Safety, and Ethics - Computational Thinking - Computer Practice and Programming، حيث تم اختيار تلك المصادر لبناء كتاب طالب يحتوي على تطبيقات عملية بنسبة 80%، وشرح نظري بسيط بنسبة 20%، وهذا أمر في حد ذاته جيد جدا حيث يحقق من خلال هذا المسار، مخرجات عالية الجودة. وأكد أولياء الأمور حمدان محمد وعلي عبد الله وحمد بن علي، أن التكنولوجيا باتت الحصان الرابح لتعليم أبنائهم، ودراسة البرمجة وعلوم الكمبيوتر في مادة منفصلة للطلبة من الصف الاول إلى الثاني عشر، سيسهم في الحصول على مخرجات عالية الجودة في علوم الحاسوب، مؤكدين أن أنظارهم تتجه حالياً، نحو تعليم أبنائهم مهارات البرمجة وعلوم الحاسوب، داخل وخارج المدرسة، حيث تكتسب أهميّة متصاعدة في حياة الأفراد والوظائف المستقبلية. وظائف متعددة وترى الطالبة مهرة عبيد علي، التي تدرس الماجستير في هندسة البرمجيات والرياضيات، أن تعليم مهارات الحاسوب والبرمجة تتيح الفرص أمام الخريجين ذكورا وإناثا، للحصول على وظائف ذات سمات خاصة، لاسيما سوق العمل يبحث عنهم، وباتوا مطلباً ملحاً يوماً بعد الآخر، مؤكدة أن البرمجة ليس علماً مملاً كما يعتقد البعض، بل تعد لغة المستقبل، التي تعول عليها المجتمعات في بناء أجيالها لمواكبة المتغيرات المتسارعة في القطاعات كافة، لاسيما قطاع التعليم. وأكدت أهمية صياغة مناهج علوم الكومبيوتر والبرمجة، وتعليمها للطلبة في صورة وجبات معرفية في سن مبكرة، الأمر الذي يسهم في إعداد أجيال متواصلة، مسلحة بالعلم والمعرفة، لاسيما أن لغة البرمجة باتت ضمن أساسيات مجتمع المعرفة، واقتصادها، موضحة أن نهضة الدول، وازدهار المجتمعات تكمن في التعليم القائم على المعرفة والتكنولوجيا ولغات العصر، التي تحاكي مفاهيم الإبداع والابتكار والتفكير الناقد والتحليل العلمي والمنطقي. تنافسية محلية وعالمية يسهم منهاج علوم الكمبيوتر والبرمجة، في إعداد الطالب لمشاركة في المسابقات المحلية والعالمية، التي تشمل أقدر التابع لبرنامج خليفة لتمكين الطلبة، والمغامرات الإلكترونية، ومهارات الإمارات، فضلاً عن مسابقة تكنولوجيا المعلومات الدولية. علماء وعباقرة يقول دايفد سن المبتكر العالمي في مجالي التعليم والتكنولوجيا: عندما يتجهز الصف بأجهزة رقمية، تتغير مفاهيم اللعبة كلها، فمن خلال الحلقات التعليمية عالية التفاعل، نستطيع تزويد المشتركين بالمهارات والخبرات اللازمة لاعتماد تكنولوجيا حديثة تجعل التعليم أكثر متعة والتعلم أكثر تسلية وفعالية، والآن نتحدث عن البرمجة لغة المستقبل، والعقول التي تتتبع هذا المساق، لا شك انهم سيكون علماء وعباقرة ومبدعين.
مشاركة :