شركة "بلا مدير": هل هو الخيار الأنسب لهيكل العمل؟

  • 9/13/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

Image copyright Zed Collective Image caption في دار زد للنشر يشارك جميع أفراد فريق العمل المكون من 12 شخصا في صناعة القرارات المتعلقة بالعمل والتي قد تؤدي إلى عقد "اجتماعات مطولة جدا" بينهم "هاتفنا شخص ما ذات يوم وطلب التحدث إلى المدير، وعندما قلت له إنه لا يوجد مدير لدينا ولكن بإمكانه التحدث إلى أي منا، لم يستطع أن يستوعب ذلك". هذا ما قاله كين بارلو، الذي يعمل محرر تكليف في دار نشر "زد بوكس" في لندن، حيث يتمتع جميع الموظفين بنفس المكانة ويتقاضون نفس الراتب. ورغم أن هناك اتجاه متزايد نحو مؤسسات ذات تنظيم مسطح أو أفقي، مما يعني عددا أقل من المديرين في المستويات المتوسطة، وبالتالي عددا أقل من المشرفين، فإن دار نشر "زد" هي مجرد واحدة من عدد قليل من الشركات التي لا يوجد قائد على رأس فريقها. ولا يشعر بارلو أن ذلك يجعلها أقل كفاءة. ويقول: "لا يتعين علينا إحالة الأمور للمستويات الأعلى وفقا للتسلسل الهرمي في القيادة، وهو الأمر الذي يعني في مؤسسات أخرى أن اتخاذ القرارات يستغرق وقتا طويلا للغاية". وكان بارلو، في وظيفته السابقة، يشعر أن التسلسل الهرمي يعني أنه ليس قادرا على إظهار مهاراته ورؤيته للأمور بشكل علني كما يفعل الآن. ويقول: "حتى عندما كان بإمكاني توقع بأنه قد يكون هناك مشاكل تتعلق بأمر ما، فإنني كنت استبق ما كان يرغب مديري بفعله وأدلي برأيي في الأمر بدلا من فعل ما كنت أعتقد أنه الأمر الصواب". من جهتها، تقول ديبورا أنكونا، مديرة مركز القيادة بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، إن هذا جزء من اتجاه عالمي أكبر، فالعديد من الشركات "يحاول إزالة القيود البيروقراطية ويصبح أكثر مرونة ونشاطا" من خلال التخلص من مستويات التسلسل الهرمي. وتضيف أنه بالإضافة إلى ذلك فإن المزيد من القرارات أصبح مسؤولية الفرق العاملة وأصبح توصيف الوظائف أكثر مرونة. Image copyright Getty Image caption هل نظام العمل بدون مديرين يواجه مخاطر خلق موظفين يكونون استنساخا لبعضهم البعض؟ هل يمكن أن ينجح هذا النظام على مستوى أكبر من شركة صغيرة؟ "غور" هي شركة تصنيع أمريكية أنشأت منذ فترة طويلة، وربما الأكثر شهرة في تصنيع قماش "غور تكس" المقاوم للمياه. تحتفظ غور بنصب المدير التنفيذي، لكنها تستخدم هيكلا أقل تعقيدا من العديد من المؤسسات المماثلة لها في الحجم. يُطلق على العاملين بالشركة، وعددهم يقارب عشرة آلاف موظف، لقب "الشركاء". وهم منظمون في فرق مع عدد قليل من القادة أو المشرفين، وهو ما تصفه الشركة بـ"التسلسل الشبكي". وحتى بطاقات عمل الموظفين تخلو من المسميات الوظيفية وتصف كلا منهم بالشريك. وتقول هنري بريان، شريكة التسويق والاتصالات في شركة غور، إنها ستكون "كاذبة" إذا قالت إن هذا النظام مثالي في جميع الأحيان، لكنه أثبت نجاحه في عالم غور الأكثر تبسيطا. وتضيف بريان: "إنني استمتع بالأجواء المليئة بالنشاط داخل العمل، واستمتع بالمهمات التي أؤديها. الكثير منا كذلك نوعا ما، وأعتقد أن نموذج شركة غور هو سبب مهم وراء استمتاعي بعملي. وإذا احتاجت الأمور للتغيير، فإنك تشعر أنه بإمكانك المساهمة في ذلك". وترى بريان أن هيكل الشركة أزال الحدود التقليدية بين المديرين وغير المديرين. وتقول إن واحدا من الأمور الفريدة بشأن العمل في غور هو "أنك إن لم تفعل ما تلتزم به، سيقول لك أعضاء فريقك إنك قد خذلتهم".المزايا النهج المنبسط في الإدارة هو أيضا أقل تكلفة. فعدد أقل من المديرين يعني مرتبات ضخمة أقل أو عدد أقل من السيارات التي تتحمل المؤسسة تكلفتها. ولكن الرأي منقسم بشأن إذا كان الأجر المتساوي من عدمه في مؤسسة ما يزيد الإنتاج، وتقول بعض الدراسات إن لذلك أثرا إيجابيا. كانت شركة التسويق الرقمي "نيسوي"، ومقرها نيودلهي بالهند، قد تحولت في عام 2014 إلى هيكل أكثر تبسيطا لموظفيها، وعددهم 12 بدوام كامل بالإضافة إلى 75 بدوام جزئي. ويقول أفيناف ساهي الشريك المؤسس للشركة إن هذا الهيكل المنبسط جاء نتيجة الحاجة لأن يكونوا أكثر كفاءة. ويوضح قائلا: "كنا قد واجهنا عوائق مع وجود (الكثير من) المديرين. ونحن غير راضين عن هذه الثقافة التي يُوظف فيها الناس فقط لمراقبة الآخرين وهم يؤدون مهامهم. بدأنا نرى أن عدم الكفاءة بات يضرب أركان الشركة". Image copyright Deborah Ancona Image caption أنكونا من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا تقول إن من بين المزايا الأخرى لإيجاد هياكل مبسطة لإدارة الشركات هي القدرة على تحفيز الابتكار من خلال الاستفادة من الذكاء الجماعي للموظفين بدلا من الاعتماد على الإدارة العليا وحسب وكانت "نيسوي" قد أجرت مشاورات مكثفة مع موظفيها قبل إجراء التغيير الذي يقول ساهي إنه ناجع. ويقول ساهي إنه منذ تطبيق هذا التغيير لم تعد الشركة تستخدم شركات توظيف لأنها "تتلقى خمسة طلبات يوميا" من الأشخاص الباحثين عن عمل. "وفي معظم الحالات فإن الباحثين عن عمل يزيدون من فرص توظيفهم لأنهم أظهروا بالفعل أنهم الأشخاص المناسبون للشركة". وتقول أنكونا من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا إن من بين المزايا الأخرى لإيجاد هياكل مبسطة للشركات هي القدرة على تحفيز الابتكار من خلال الاستفادة من الذكاء الجماعي للموظفين بدلا من الاعتماد على الإدارة العليا وحسب. وتضيف: "الإدارة العليا لا تزال مهمة، ولكن هذه الشركات تحاول أن يكون لديها قيادة لتنظيم المشاريع على كافة المستويات".العيوب ومع ذلك، فمن الواضح أن نموذج التسلسل الهرمي المسطح لا ينجح في كل المؤسسات. وكان هناك عددا من الشركات التي درسها موقع "بي بي سي كابيتال"، وتبنت النموذج المسطح ثم رفضته. كانت شركة "غيت هاب" للتكنولوجيا واحدة من هذه الشركات، فقد أعادت الإدارة الوسطى للعمل عام 2014 بعد عامين من تبني النموذج المسطح. Image copyright Randall Peterson Image caption راندال بيترسون من كلية لندن للأعمال يقول إنه من الضروري تقييم نموذج الأعمال للمؤسسة قبل تحديد إلى أي مدى يمكن تطبيق نظام الإدارة المنبسط فيها وقالت نيكول نومريتش المتحدثة باسم الشركة لبي بي سي: "عندما تكبر الشركة، من الصعب الإبقاء على هيكل مسطح بالكامل. لقد أدركنا أنه من أجل تقديم دعم أفضل للمستخدمين، فضلا عن تطوير موظفينا، فإننا بحاجة إلى إضافة هيكل منظم لنهج إدارتنا. ونتيجة لذلك، أصبحت فرق العاملين لدينا أقوى وأكثر إنتاجية". ويتساءل راندال بيترسون من كلية إدارة الأعمال في لندن كيف يمكن معالجة أمور كالنزاعات في غياب التسلسل الهرمي؟ ويقول بيترسون إن بإمكانك التظاهر بعدم وجود تسلسل هرمي ولكن "إن لم يكن لدينا قيم مشتركة، فإن الطريقة الوحيدة لحل مشاكل الرغبة في تحقيق المكانة (في العمل) هي المواءمات السياسية. تصبح المؤسسة كمدرسة ثانوية في أسوأ معاني ذلك الوصف". وهناك مساوئ أخرى أيضا، بحسب بيتر غاهان من جامعة ملبورن في أستراليا. يقول غاهان: "من الواضح أن [التسلسل الهرمي المسطح] له فوائد تتمحور حول القدرة على التكيف إلا أنه يمكن للعاملين أن يصابوا بالارتباك ويكونوا أقل مسؤولية إزاء المهام التي يؤدونها. بعض الأفراد قد يجدون أن الترتيبات الأكثر مرونة أصعب في إدارتها على أساس يومي. وإذا كان لديك تسلسل هرمي مسطح، ففي كثير من الأحيان لا يوجد مسار واضح للتطور والبناء على نقاط القوة لديك". ويحذر بيترسون، من كلية إدارة الأعمال في لندن، من أن الجميع سينتهي بهم المطاف إلى أن يكونوا استنساخا لبعضهم البعض وأن ذلك سيكون سيئا للأعمال التجارية أيضا. ويحذر أيضا من أنه "يمكن أن ينشأ خطر مع مؤسسات مفرطة في التجانس حيث الجميع يفكر ويعمل بنفس الطريقة وربما يبدو متشابها. عليك أن تبحث جاهدا عن الفروقات للوقاية من هذه النتيجة". يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Capital . ­­­­­­­­­

مشاركة :