القاهرة:الخليج شكلت سيناء خلال القرن التاسع عشر معبراً مهماً يربط مصر بالجوار العربي في المشرق، وكذلك الجوار الآسيوي، لهذا يمكن القول إن سيناء كانت جزءاً مهماً في السياسات الرسمية للدولة المصرية منذ أقدم العصور، وقد أولاها محمد علي باشا اهتماماً خاصاًَ، حيث كانت نقطة متقدمة لمشروعاته التوسعية في آسيا، بعد أن باتت عنق الزجاجة لقواته المتجهة إلى شبه الجزيرة العربية والشام، لهذا أنشئت بها منذ فترة مبكرة من القرن 19 النقاط الحدودية ورموز السيادة المصرية ويحاول د. صبري أحمد العدل في كتابه وثائق سيناء مختارات من وثائق القرن التاسع عشر، الصادر عن دار الكتب والوثائق المصرية، فهم أوضاع سيناء خلال القرن التاسع عشر، من خلال الوثائق الرسمية للدولة، لكنها مع ذلك لا تفتقد إلى الرؤية الشعبية، المتمثلة في الشكاوى والاعتراضات التي قدمها سكان سيناء إلى السلطات الحكومية، كما يحاول المؤلف فهم رؤية صنّاع السياسة في مصر خلال القرن 19 لسكان المناطق الحدودية، وكيفية التعامل مع المشكلات التي تنشأ على الحدود بين مصر وجيرانها. تبين هذه المجموعة الوثائقية عن سيناء أفكاراً مختلفة عما ثبت في الأذهان عنها، فمن خلالها يتضح لنا مدى الحيوية التي يموج بها هذا الجزء من الحدود الشرقية لمصر خلال القرن التاسع عشر، فاختلطت بها الثقافات المصرية والشامية والحجازية، فنراها خليطاً اجتماعياً متجانساً بروح مصرية، ولم تكن سيناء أبداً أرضاً قاحلة أو مجرد منطقة حدودية رغم جغرافيتها الصعبة، بل هي جزء من مصر يتأثر بما يحدث في أنحاء الوادي والدلتا بل ويتفاعل معها.
مشاركة :