مؤتمر «الإسلام رسالة»: إيران أصبحت «شُؤما» على كل من اخترقتهُ سياستها الطائفية

  • 9/15/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

استنكر مؤتمر «الإسلام رسالة سلام واعتدال» ما صدر عن بعض المسؤولين الإيرانيين من تدخلٍ سافرٍ في شُؤون الحج في سياق معتادهم السنوي الذي قصُر عن السمو بنفسه إلى أهداف الإسلام العُليا، ليكرِر من حين لآخر هزائمهُ المتتالية في تفريق صف المسلمين، ومحاولاتِهِ اليائسة اختراق وحدة كلمتهم، والنيل من شِعارهم، لصرفهم لتبعية شعارات ونداءات دخيلة، تُفرِقُ ولا تجمعُ، وتُؤجِجُ ولا تؤلف، لتعميق الكراهية، وإثارة الفتنة، ولم تجنِ، حيث ارتبط اسمها بمناطق الصراع وبؤر التأجيج والإرهاب، كما لم تزدها عظةُ التاريخ فيها وفي غيرها إلا ارتكاسا في ضلالها وتماديا في مجازفاتها. علاقات دولية وأعرب المشاركون في المؤتمر عن تأييدهم الكامل للبيان الصادر عن رابطة العالم الإسلامي والهيئة العالمية للعلماء المسلمين المتضمن التعبير عن بالغ القلق لإصدار الكونغرس الأمريكي تشريعا باسم: «قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب» بالمخالفة الواضحة لميثاق الأمم المتحدة، ومبادئ القانون الدولي، بوصف هذا التشريع مخالفا لأسس العلاقات الدولية، القائمة على مبادئ المساواة في السيادة، وحصانة الدولة، والاحترام المتبادل، وعدم فرض القوانين الداخلية لأي دولة على الدولة الأخرى. سابقة خطيرة وأوضح المشاركون في المؤتمر الذي عقده كبار الشخصيات الإسلامية برابطة العالم الإسلامي، بمشاركة «الهيئة العالمية للعلماء المسلمين» بالرابطة، ان إصدار مثل هذا القانون سيُهدِدُ استقرار النظام الدولي، ويُلقي بظلال الشكوك على التعاملات الدولية، إضافة إلى ما قد يُحدثه من أضرار اقتصادية عالمية، وسيكون له تبعات سلبية كثيرة، وسيُشكِل سابقة خطيرة في علاقات الأمم، مع الأمل في ألا تعتمد السلطات التشريعية الأمريكية هذا التشريع الذي سوف يفتح الباب على مصراعيه للدول الأخرى، لإصدار قوانين مشابهة، ما سيؤثر سلبا على الجهود الدولية لمحاربة الإرهاب، ويُخل إخلالا جسيما بمبادئ دولية راسخة قائمة على أسس المساواة السيادية والحصانة السيادية للدول، وهو ما استقر العمل بموجبه في جميع التعاملات الدولية، منذ تأسيس الأمم المتحدة، ما سينعكس سلبا على التعاملات الدولية، ويحمل في طياته بواعث للفوضى، وعدم الاستقرار في العلاقات الدولية، وسيُعيد النظام الدولي للوراء، ويجدُ فيه التطرف المحاصر فكريا ذريعة جديدة للتغرير بأهدافه. تحالف دولي ونوه المؤتمر بالتحالف الدولي لمحاربة بؤر التطرف والإرهاب وبالإسهام الإسلامي الفاعل فيه من المملكة العربية السعودية بوصفها مرجعية العالم الإسلامي ومِحور قِيادتِهِ وحاضنة مقدساته «خدمة ورعاية» ليُترجم في مضامينه أن الحرب إنما هي على الإرهاب لا سواه، وهو عدو طال شررُهُ الجميع، فوجب الوقوفُ ضدهُ بكل سبيل تُوصِلُ إلى دفع شره. خطاب الكراهية وحذر المؤتمر، من خطورة خطاب الكراهية والتحريض، وأن المسلم يسعد بالخير للناس أجمعين، وأن دعوته تسير على هدي كريم من قول الله تعالى: «فبِما رحمةٍ مِن اللهِ لِنت لهُم ولو كُنت فظا غلِيظ القلبِ لانفضُوا مِن حولِك»، وقوله تعالى: «ادعُ إلى سبيل ربِك بالحِكمة والموعِظة الحسنة»، وقوله سبحانه: «لا ينهاكُم اللهُ عن الذِين لم يُقاتِلُوكُم فِي الدِينِ ولم يُخرِجُوكُم مِن دِيارِكُم أن تبرُوهُم وتُقسِطُوا إِليهِم إِن الله يُحِبُ المُقسِطِين»، وقول النبي (صلى الله عليه وسلم):«يسِروا ولا تعسِروا، وبشِروا ولا تنفِروا» وقوله عليه الصلاة والسلام: «إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق»، وما انتشر الإسلام، وسرى في العالمين إلا بالعدل والإحسان، والكلمة الطيبة، والقدوة الحسنة، وتحرير العقول، وتأليف القلوب. تلاق وتآخ واستهل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي رئيس مجلس إدارة الهيئة العالمية للعلماء المسلمين ونائب رئيس مؤتمرها العام الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى كلمتهُ الافتتاحية في المؤتمر بالحديث عن أهمية تعزيز أسباب التلاقي والتآخي الإسلامي، وترجمةِ الرسالة العالمية والسلمية للإسلام في بُعدها الوسطي واعتدالها المنهجي على سلوكنا جميعا أفرادا ومؤسساتٍ، مشيرا إلى أن فريضة الحج تحمِلُ في مضامينها دُرُوسا عديدة في طليعتها التنبيهُ على أهمية اتفاق الكلمة، ووحدة الصف، تحت شعارٍ واسمٍ ووصفٍ واحدٍ هو الإسلامُ، مع نبذ الفُرقة والخلاف المذمُوم، وتجاوز الشِعارات والمفاهيم والأسماء والأوصاف الضيقة التي تُفرِق ولا تجمع وتُباعِدُ ولا تُقرِبُ، وأن مناعة الأمة تقوى بتماسُك لُحمتها، وأن على علماء الإسلام الحذر من مخاطر التصنيف والإقصاء، وأن مُرتجلاتِها هي مادةُ التطرف وبيئة التكفير. ودعا معالي أمين الرابطة العلماء المشاركين في هذا المُلتقى لتقديم محاورِهِم العلمية. وبعد مناقشة ما قُدِم من أطروحاتٍ ومداخلاتٍ انتهى المجتمعون إلى الاشادة بالخدمات المتميزة المقدمة لحُجاج بيت الله الحرام ما سهل عليهم أداء نُسُكِهم في أجواء مفعمة بالأمن والسكينة والطمأنينة، وبعد حمد المولى - سبحانه وتعالى - على ما أنعم وأجزل، رفعوا شكرهم لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود على ما يسر الله على يديه من خدمةٍ إسلاميةٍ جليلةٍ للحرمين الشريفين. وأكد المُؤتمِرُون أن رسالة الإسلام رسالة عالمية، تدعو للسلم والتعايُش والتعاون الإنساني مع الجميع، وأنها تحملُ في طياتها معاني التسامح والوسطية والاعتدال، مع استصحاب المعاني العظيمة في تكريم الخالق - سبحانه - بني آدم ورحمتِهِ بهم، فيما حثت الشريعة الإسلامية في أهدافها الإنسانية على الإحسان لكل كبِدٍ رطبةٍ من إنسانٍ أو حيوانٍ. انتماءات ومدارس واكد المجتمعون على ما تضمنته كلمة رابطة العالم الإسلامي في حفل الاستقبال المقام بالقصر الملكي بمشعر منى لهذا العام 1437هـ، من أن مفاهيم الإسلام حذرت من أي شعار، أو اسم، أو وصفٍ غير الإسلام، وأننا عندما نختصِرُ سنة الإسلام وجماعة المسلمين، في أوصافٍ لأشخاصٍ أو انتماءاتٍ أو مدارس معينة، فإننا نختزل الإسلام الجامع، الإسلام الحاضن، إسلام السعة والامتداد والتاريخ، في مفاهيم محدودة، وأفكارٍ ضيقة، تفتح على الدين ثغرة، تتسللُ منها المصالحُ والأهواءُ، وأن سبيل رابطتهم الإسلامية، هو إيقاظُ العقولِ المسلمة، واستنهاضُها نحو فكرٍ حُرٍ مُستقل وواعٍ على هدي الكتاب والسنة. وحذر المجتمعون من أي تكتُلٍ يخرج بالمسلمين عن رايتهم الجامعة ليُفرق كلمتهم ويخترق صفهم، وينافي رسالتهم في سِلمها واعتدالها، مُشيرين إلى أن تاريخ الإسلام لم يُسجل أي تجمع لإقصاء أيٍ منهم عن سُنتهم وجماعتهم، وأن الانجرار لمثل هذه المزالق يمثل سوابق وخيمة على الإسلام وأهله، وأن لتصنيفه المُحدث لوازم خطيرة هي شرارة التطرف في خطاب التكفيريين، وأن «حِكمة الإسلام» ورسوخ علمائه ووعي دعاته ومفكريه فوق هذا، وعلى حذرٍ من تبعاته. أفق واسع وأضاف البيان أن من جرى التقولُ عليهم بأنهم أقصوا المدارس والمذاهب العلمية الإسلامية عن دائرة سُنة الإسلام وجماعة المسلمين هم من حفلوا قديما وحديثا برُواد تلك المدارس والمذاهب في مُؤسساتهم الأكاديمية ليُسهموا في تعليم مناهجها الشرعية ويناقشوا أطروحاتها العلمية، وأن الخُروج عن هذا الأفق الواسع لا يعدو كونه محصورا في أفراد أو مؤسساتٍ محسوبة على نفسها لا سواها، يحصل منها مثلما يحصل من غيرها. مضامين إقصائية وأكد المؤتمر أن أي خطاب يخرج عن أصول الأدب العلمي أو يحمِلُ مضامين إقصائية، إنما يُمثل من صدر عنه، ولا يرتد سلبا عليهم ولا على مظلتهم المؤسسية (رابطة العالم الإسلامي) وأن الخطاب المضاد متى استعار صيغة التطرف وإقصاءه فإنه في عداده وحُكمه، منبهين في ذات الوقت على أهمية أن يكون لدى العلماء والدعاة والمفكرين من الرحابة والسعة ما يجعلهم أكثر تقبلا وانتفاعا لما يصدر عن غيرهم من ثراء الحوار والنقاش في إطاره المحمود. علوم الشريعة ونبهُ المجتمعون الى أن بعض الكتابات التاريخية ربما سجلتها أقلام لا رسوخ لها في علوم الشريعة ولا أدبها، فتصوغُ مدوناتِها بأخطاء وتقولات ومصطلحات تخالف الشريعة والحقيقة، ولا يتحملها سوى من دونها، وأن التعويل في الحكم على أهل الإسلام في أفراد علمائهم أو دعاتهم أو مفكريهم أو مؤسسات مدارسهم إنما يكون على مقالاتِ أصحابها من مصادرها، وأنه عند التشابه والاستشكال في مضامينها فإنها تُردُ لمن صدرت عنهم أو ورثة علمهم، كما هو هدي الإسلام في التثبُت والتبيُن وردِ الأمر إلى أهله، مع الأخذ في الحسبان أن من أصحاب الطرح المحسوب على علوم الشريعة من لا يُمثل إلا نفسه، ولا عصمة لأحدٍ غير انبياء الله ورُسُلِه فيما يبلغونه عن ربهم جل وعلا. مناهج وصفية وشدد المجتمعون على أن الأسماء المتداولة لبعض المدارس العلمية إنما هي مناهج وصفية فحسب، وليست بديلا عن اسم الإسلام ومظلته الجامعة، وأن التوسع في تلك الأسماء من قِبلِ أهلها أو غيرهم يُرسِخُ المفهوم الخاطئ حولها، فضلا عن مُزاحمتها اسم الإسلام الذي سمانا الله به لا بغيره. فيما أكد المجتمعون أن أفراد الأمة لا حاجة لهم بالتوسعات المتكلفة في شؤون الدين التي لا يُحيط بجدلياتها إلا من تعمق في سجالاتها، وأهلُ الإسلام على دينهم الحق دون أن يكونوا مكلفين بمعرفة تلكم الاستطرادات والأسماء المحدثة، فضلا عما فيها من تعكير صفو الدين في نفوسهم والتأثير على نقاء فطرتهم وتآلفهم فيما بينهم مشيرين إلى أن الجدلياتِ المُتكلفة في الدين وسجالاتِها العقيمة أفرزت الأسماء والأوصاف والشعاراتِ المحدثة باسم الشريعة. حوار ونصح وحذر المجتمعون من مُخالفة المنهج الحق في أدب الدعوة والحوار والنصح، مُنبهين على خُطورة مُرتجلِ المقالات والبيانات والعبارات التي تصِمُ أبناء الإسلام في سدادِ مذاهبهم ومناهجهم بكلمة السوء بما لا طائل من ورائه سوى التحريش بين المسلمين والتنابز بينهم بالتبديع والتضليل والتكفير، وأن المُتعين هو الأخذ على أيدي أصحابها بوصفهم وقود الفتنة والفُرقة ومحرضي السفهاء والجهلة على سلوك جادة التطرف بذلكم التعدي والارتجال، وأن الحريات التي أقرتها الشريعة لها نظام يحمي من التطاول والفرية وزرع الشر والفتنة. سنة كونية وأوضح البيان أن أهل العلم والإيمان هم أكثر الناس فهما واستيعابا لسنة الله - تعالى - في خلقه، حيث الاختلاف والتنوع والتعدد، مع إيمانهم بضرورة التعايش مع الجميع، وأنه لا يضِيق ذرعا بهذه السنة الكونية إلا من قل علمه وضل فهمه. وشدد المجتمعون أن الإرهاب لا دين له ولا وطن وأنه مُنبتُ الصلة عن مدارسِ ومناهج أهل الإسلام كافة، على تنوعها وتعددها بموافقاتها ومخالفاتها المحمودة، وأنه نِحلة فاسدة كفرت من سواها امتدادا لمنهج أسلافها. نزعة اجرامية وأشاد المؤتمر بالأصوات المنصفة من غير المسلمين التي أكدت أن الإرهاب نزعة إجرامية لا صلة لها بدين ولا وطن، وأن الإسلام منه بريء، وأن التطرف سياق عارض يصدُرُ عن بعض المنتسبين للأديان كافة، منوهين - على وجه الخصوص - الى ما صدر في هذا المعنى من تعليق منصف عن المرجعية الفاتيكانية على خلفية الأحداث الإرهابية الأخيرة في بعض البلدان الأوربية. علم وحكمة وأشار المجتمعون إلى أهمية أن يكون الدعاة على يقظة من إلهاب المشاعر المتسرعة، وأن معالجة ما يطرأ من قضايا وأحداثٍ تكون بالعلم والحكمة لا بالجهل والعجلة، وأنها محكومة بفقه الأولويات والموازنات والنظر في المآلات، وأنها إلى من ولاهم الله - جل وعلا - أمرها لا لغيرهم. وأكد المجتمعون على أنه مع الأهمية الكبيرة للملاحقة العسكرية للإرهاب والخسائر المتلاحقة التي مني بها، إلا أنه كثيرا ما يسارع في استعادة قواه من خلال مُنتج رسائله الضالة، ما يؤكد أهمية التصدي الفكري له، منوهين في هذا بما استشرفته المملكة العربية السعودية من إنشاء مركز عالمي لمحاربة الفكر الإرهابي، ودعوة تاريخية تكللت بإنشاء تحالف عسكري إسلامي للتنسيق بين دوله لمحاربته عملياتيا وفكريا وإعلاميا، مع توحيد الجهود لقطع سبل إمداده وتمويله. المجتمعون شددوا على ضرورة يقظة الدعاة تجاه إلهاب المشاعر المتسرعة علماء المسلمين استنكروا التدخل السافر للمسؤولين الإيرانيين في الحج المؤتمر دعا لمعالجة ما يطرأ من قضايا وأحداثٍ بالعلم والحكمة د.العيسى متحدثا خلال مؤتمر «الإسلام رسالة سلام واعتدال» المشاركون حذروا من مُخالفة المنهج الحق في أدب الدعوة والحوار

مشاركة :