بعد معارك 4 سنوات.. أسواق حلب القديمة تتحول إلى ثكنة عسكرية

  • 9/17/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

عند أحد مداخل حلب القديمة، يجلس أبو نديم بثياب رثة على أحد الأرصفة، يعزف على الناي ألحانا حزينة، تعكس صورة أسواق أثرية كانت تعج يوما بالناس لتتحول إلى مكان شبه مهجور، يعيش فيه القلة من السكان بين الركام وثقوب القذائف والرصاص. هذا حال مدينة حلب، انقسمت المدينة القديمة في العام 2012، إثر معارك عنيفة، بين أحياء واقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة وأخرى تحت سيطرة الجيش السوري. وخلال 4 سنوات من معارك جعلتها خط تماس بين الأطراف المتقاتلة، تحولت حلب القديمة الأثرية إلى ثكنة عسكرية كبيرة، حتى بات الجنود هم زبائن من تبقى من خياطين وحلاقين وتجار، في منطقة غادر غالبية سكانها. في حارة بحسيتا الواقعة تحت سيطرة قوات النظام في المدينة القديمة، لا يزال الخياط زكريا موصلي (45 عاما) مواظبا على مهنته، إلا أن الزبائن هم الذين تغيروا. ويقول موصلي لوكالة فرانس برس، وهو يقص قماشا عسكريا: «أنا الخياط الوحيد في حلب القديمة». ويضيف: «كنت أعمل في السابق في صناعة القبعات الملونة للأطفال والنساء والشباب، أما اليوم فبت متخصصا بصناعة القبعات العسكرية، كون المنطقة أصبحت برمّتها منطقة عمليات عسكرية وينتشر فيها الجنود السوريون». ويتابع: «لديَّ زبائن أوفياء يأتون من داخل حلب، لكن معظم زبائني حاليا من الجنود والضباط، وأصبحت ماهرا في صناعة القبعات العسكرية». رفض زكريا وعائلته مغادرة منزلهم، وأصروا على البقاء رغم المخاطر، ويؤكد زكريا: «هنا منزلي، وهنا عملي، وهنا كل ذكرياتي. لم أخرج برغم خطورة المكان، ولست نادما على قراري قَطّ». في غرفة مجاورة لمنزله، وضع زكريا بعض آلات الخياطة، يأتي بالقماش من الأحياء الغربية ويعود بها إلى حلب القديمة بعد اجتياز النقاط العسكرية ومناطق أخرى تتسم بالخطورة، بسبب القذائف أو بسبب رصاص القناصة. تعد حلب واحدة من أقدم مدن العالم، وتعود إلى 4000 عام قبل الميلاد. إلا أن المعارك التي شهدتها في العام 2012 دمرت المدينة القديمة وأسواقها المدرجة على لائحة اليونيسكو للتراث العالمي. وبات الركام يغلق الكثير من حارات المدينة القديمة، وأخرى بدت معتمة بقناطرها الأثرية المتضررة. وأغلقت بعض المحال في الحارات الضيقة بالأقفال، في حين تحطمت أبواب محلات أخرى جراء المعارك. أما الجدران فامتلأت بثقوب الرصاص. فنادق للنازحين لحقت بسوق المدينة التاريخي تحديدا أضرار فادحة نتيجة المواجهات والحرائق، فيما تحولت مئذنة الجامع الأموي العائدة إلى القرن الحادي عشر إلى كومة من الركام. وقرب القلعة الثرية، بدا سوق خان الوزير الواقعة تحت سيطرة قوات النظام مدمرة تماما وخالية، سوى من مقاتل بلباس عسكري يحمل بيده طفلا وخلفه امرأة يمشيان سويا بين الحطام. في منطقة باب الفرج عند مدخل المدينة القديمة، اتخذ الحلاق محمد زكريا (65 عاما) جزءا بسيطا من قهوة كبيرة، تكسَّر زجاجها بالكامل، مكانا لممارسة مهنته. ويقول: «المنطقة كانت سياحية بامتياز، زبائني جميعهم كانوا من السياح أو السوريين من المحافظات الأخرى، أما اليوم ومع تحولها إلى ثكنة عسكرية بات زبائني من الجنود والضباط». طالما تعرضت المنطقة التي يوجد فيها محمد زكريا للقصف، إلا أن ذلك لم يمنعه من مواصلة عمله الذي وصفه بـ»الجيد» بسبب الجنود. وعلى مقربة من محل الحلاقة، يقف يحيى قطيش (57 سنة) أمام بسطة من الخضار والفاكهة، اقتصرت على البندورة والباذنجان والفلفل والبطيخ، وبعض البيض. وجد قطيش في هذه البقعة مكانا مناسبا لتجارته، لجذب الزبائن من النازحين والعسكر على حد سواء.;

مشاركة :