إدواردو غليانو (ترجمة: صالح علماني)

  • 2/22/2014
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

أصل النافورة لا يتوقف الفلاحون عن إزعاج سادتهم. ونافورة مدينة ماغنسيا تقدم شهادة فنية على ذلك. لا تضيع على نفسك فرصة رؤيتها، يأمر المرشدون السياحيون. إنها كنز من فن عصر النهضة الألماني، ينتصب بهاؤها الذهبي في ساحة السوق، إنها رمز المدينة ومركز شهرتها. ولدت النافورة من احتفال متوجة بتمثال، كما كانت تقدمة شكر للانتصار على الفلاحين المتمردين. فالفلاحون اليائسون كانوا قد هاجموا القلاع، تلك الأبهة التي كانوا يدفعون هم ثمنها، وحشود المذاري والمجارف تحدت قوة المدافع والرماح والسيوف. آلاف المشانق والرؤوس المقطوعة قدمت شهادة على إعادة استتباب النظام. وقدمتها النافورة أيضا. أوبئة في تقسيم العصور الوسطى للعمل كان الفرسان يقتلون، والفلاحون يطعمون الآخرين جميعهم. وفي أزمنة المجاعة، يهرب الفلاحون من الحصاد المخرب ومن الزرع المستحيل، من كثرة المطر أو من اللا مطر، يهيمون على وجوههم في الدروب، يتنازعون الجيف والجذور. وعندما تصير لهم جلود صفراء وعيون مجانين، ينقضون على القلاع. في الأزمنة العادية، كان الفلاحون يعملون ويرتكبون الخطيئة. وعندما تحدث الأوبئة، يكونون هم المذنبين. فالنكبات لا توجه ضرباتها، ومن المنابر ينادون: ــ يا عبيد الجسد! أنتم تستحقون العقاب! في عام 1348 وعام 1351 حل العقاب بواحد من كل أربعة أوروبيين، عاث الطاعون خرابا بالأرياف والمدن، قضى على الخاطئين وعلى الفاضلين أيضا. وحسب بوكاشيو، كان أهالي فينسيا يتناولون الفطور في البيت مع ذويهم ويتعشون في القبور مع أسلافهم. نساء ضد الوباء في روسيا، كان الوباء يتقدم مبيدا البهائم والبشر؛ لأن الأرض غاضبة. فالرجال نسوا أن يقدموا إليها شكرهم في موسم الحصاد الأخير، أو أنهم ألحقوا الأذى بغرسهم فيها رصاصا أو عصيا وهي حبلى ونائمة تحت الثلج. عندئذ تقوم النساء بطقوسهن الآتية من تعاقب الأزمنة. فالأرض، أصل ومصير كل حي على الأرض، تستقبل بناتها، الولادات مثلها؛ ولا يتجرأ أي رجل على دس أنفه. تربط امرأة نفسها إلى المحراث، مثل جاموسة، وتبدأ بشق الثلم، وتمضي الأخريات خلفها، ناثرات البذور. جميعهن يمضين، حافيات، ومفلتات الشعور. يمشين وهن يقرعن قدورهن ومقاليهن ويضحكن مقهقهات، باعثات الخوف في الخوف، والبرد، والوباء. ماء سيئ السمعة نحن نعرف نوستراداموس من خلال تنبؤاته التي ما زالت «بست سيلر» في العالم. لكننا نجهل أن نوستراداموس كان طبيبا أيضا، وكان طبيبا غريبا لا يؤمن بالعلق، ويصف الهواء والماء ضد الأوبئة: هواء يهوي وماء يغسل. القذارة حاضنة أوبئة، ولكن الماء كان سيئ السمعة في أوروبا. فالماء يجب تجنبه، لأنه يمنح متعة ولأنه يدعو إلى الخطيئة. وفي محاكم التفتيش، كانت كثرة الاستحمام رمزا للثقافة الإسلامية. وعندما فرضت المسيحية سلطتها في إسبانيا كحقيقة وحيدة، أمر التاج بتدمير الحمامات العامة الكثيرة التي خلفها المسلمون، لأنها مصدر ضياع روحي. كان الاستحمام أمرا نادرا ، فمن أجل ذلك توجد العطور. والملكة إيزابيل كانت نظيفة، لكن المؤرخين يتجادلون حول ما إذا كانت قد استحمت مرتين أم ثلاث مرات في حياتها. والملك الفرنسي الأنيق، أول رجل استخدم الكعب العالي استحم مرة واحدة فقط بين عامي 1647 و1711. وفعل ذلك بوصفة طبية. ممارسة الطب بالجملة حسب شهادات العصر، يقال إن دومينيك دي سيلوس قام بفتح عيون العميان، ونظف أبدان المجذومين، وساعد المرضى على الوصول للصحة المنشودة، وعمل على إعادة السمع المفقود للطرشان، وسوى ظهور الحدب، وجعل العرجان يقفزون فرحا، والمشلولين ينطون مرحا. ويروى أن برنار دي تولوز عالج اثني عشر أعمى، وثلاثة صم، وأربعة عرجان، وأربعة مشوهين، ومرضى آخرين، يزيد عددهم على الثلاثين. ويزعم أن لويس أعاد الصحة لعدد لا حصر له من المصابين بأورام، وداء النقطة، والشلل، والعمى، والصمم، والناسور، والعرج. في فرنسا، توجد في المقابر مزاعم كثيرة لمعجزات شفاء زائري القبور: 41% من المصابين بالفالج النصفي وشلل الساقين، و19% من العميان، و12% من المعتوهين و8.5% من الصم، والبكم، والصم البكم، و17% من المحمومين والمرضى المتنوعين.

مشاركة :