يبدو أن شهر سبتمبر مليء بالمآسي التاريخية، وللأسف أنها جميعاً ضد المسلمين، وبتآمر دولي مكشوف، شاء من شاء، وأبى من أبى. وقد ذكرت في مقال سابق عن أحداث تفجير برجي نيويورك في ١١ سبتمبر ٢٠٠١م، واليوم الحديث عن "مجزرة صبرا وشاتيلا" في ١٦ سبتمبر ١٩٨٢م. لمن لا يعرف من الشباب، فإن "صبرا"، و"شاتيلا" مخيمان للاجئين الفلسطينيين في بيروت، والمخيمات لا تعني خياماً كما يظن البعض، إنما هو مصطلح لتجمع الناس في مكان ما، وهي عبارة عن بيوت وعمارات من الإسمنت، تم إيواء المهجرين الفلسطينيين فيها، بعد الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، على عدة مراحل، لذلك هناك مخيمات فلسطينية في لبنان، والأردن، وسورية. حصلت حرب أهلية في لبنان عام ١٩٧٥م شارك فيها كل الطوائف، المسلمون (السنة والشيعة) والمسيحيون بجميع طوائفهم، والدروز، وما بينهم من انشقاقات، وذلك أثراً لتقسيم الدستور الطائفي (الفرنسي). وشارك في هذه الحرب الفلسطينيون والسوريون والإسرائيليون، كونهم متواجدين على أرض لبنان، حيث استغل اليهود والعلويون هذه الحرب، فدخلوا لبنان عنوة، وكل احتل أجزاءً منها، حتى انتهت إدارة البلاد للسوريين. احتلت إسرائيل بيروت في صيف ١٩٨٢م، وحاصر الجيش الاسرائيلي المخيمين في سبتمبر، ومنع خروج المدنيين، وسمح للقوى الأخرى بدخولهما، وإقامة المجزرة فيهما، بقيادة إيلي حبيقة قائد القوات اللبنانية المارونية، والجيش اللبناني الجنوبي (العميل لإسرائيل)، وقوات حزب الكتائب اليميني اللبنانية، وكل ذلك تحت إشراف شارون، الذي لقب بعدها بالسفاح والجزار! راح ضحية هذه المجزرة مئات الفلسطينيين الأبرياء، دون أي نتيجة إضافية تذكر لأحد سوى القتل. وبالطبع وسط صمت دولي مدقع، واستنكارات عربية لا تسمن ولا تغني من جوع. وهكذا هم العرب، يقتلون بعضهم بعضاً بالنيابة عن القوى الكبرى، فإن كانت الحرب الأهلية في لبنان، ومجزرة صبرا وشاتيلا هما البداية، فنحن نعيش أسوأ فصول هذه المرحلة بما يجري في الشام والعراق واليمن وليبيا.. وغيرها، تحت شعار "العرب أولى بدم العرب"! * قال عطاء بن أبي رباح: متى ما أطلق الله تعالى لسانك بالدعاء، فاعلم أنه يريد أن يعطيك ما تشاء، مهما عظم مرادك، وعظم مطلبك، فإذا كنت تسأل الله تعالى دائمًا "الفردوس الأعلى" من الجنة، فاعلم أن الله يريد أن يدخلك إياها، وإلا لصرفك عن ذلك الدعاء، كما صرف غيرك عنه. وقال الإمام ابن القيم: فمن أُلهم الدعاء، فقد أُريدَ به الإجابة، فإن الله سبحانه قال: {ادعوني أستجب لكم}. د.عصام عبداللطيف الفليج
مشاركة :