تفتح المدارس أبوابها وتمتلئ حقائب أولادنا بالكتب، ليساورنا القلق تجاه هذه الكتب التي تشكل كل ما يقرؤونه معظم أيام السنة تقريباً، فتشعر بالاكتئاب لأن هذا القلق لا يساورنا تجاه كتب من نوع آخر لا تحتوي عليها الحقيبة وتعني التوسع في المنهج المدرسي. وبينما نحن نفكر في الكم الكبير من الكتب المدرسية، وإن كان المعلمون سيحذفون أجزاء من هذا الكتاب أو ذاك بسبب طول المنهج يمضي عام 2016 عام القراءة قدماً في فعالياته ومهرجاناته وبرامجه التي توجهت للمجتمع وظلت تعمل طوال الوقت على توعيتنا بأهمية القراءة الحرة نسدل الستار على هذا العام بقطيعة تختزل المعرفة في الكتاب المدرسي الذي يبدو الهدف الأكبر لأنه يوصل لشيء كالامتحان والشهادة. ومن بين الأشياء التي لم تتغير بل تترسخ في أذهاننا كتب نحتاج لها وكتب لا نحتاج لها الآن «خليها بعدين لما يكون فيه وقت فراغ»! وعلى أعتاب السنة الدراسية تأتي إحداهن وأطفالها بكتاب استعاره أحدهم من المكتبة لتعيده في أقرب وقت ممكن، وبين كلمات الشكر والوداع والمزاح تلتقط هذا السؤال من فمها بينما يثني الجميع على خطتها الصيفية التي جعلت الأولاد يواظبون على القراءة.. هل يجد أولادنا الوقت الكافي لكي يقرؤوا بعد العودة إلى المدارس؟ كانت في ذلك الحين تدعو الله ألا يضيع تعبها فتكون مثل التي نقضت غزلها. تراوح صورتها في ذهنك وهي تعطيك ظهرها وتغادر المكان وكأن علاقة أولادها بالقراءة انتهت ببدء العام الدراسي. كان جميلا منظر الصغار وهم يبحثون عن الكتب ويقرؤون ويتحاورون مع الناس بهدوء وثقة لكن بسبب فهمنا الخاطئ للعلاقة بين الكتب تظل هذه القراءة مؤجلة حتى إشعار آخر، وتعود لتبحث عن السبب فتجده مجرد حجة واهية، صحيح أن المنهج يحتاج إلى الكثير لكن أبناءنا يمكنهم ممارسة القراءة الحرة، كتب التاريخ والعلوم والأدب والفنون والتراث تفتح أبواباً مغلقة لا يمكن للكتاب الأكاديمي أن يفتحها لوحده، تتمنى لو أن القلق يساورنا تجاه هذه الحقيقة بعدما فعلنا من أجل التوعية بها ما فعلنا ثم بعد ذلك لم تدركها سوى القلة القليلة. تقلقنا قراءة الكتب التي يطالعها أولادنا في المدرسة ونعذرهم إذا لم يجدوا الوقت الكافي لعمل شيء آخر، لكن نتخيلهم وهم يخرجون من المدارس كي لا يجدوا شيئاً يفعلونه زيادة على الواجب والتحضير سوى التسلي بالموبايل والآيباد والاسناب تشات فمن أين يأتي الوقت الكافي لممارسة كل هذه الأشياء بعد الدوام المدرسي؟
مشاركة :