في يومك هذا من قبل ناديتك يا وطني ملء الصوت وملء الحب. فتناثرت مني الحروف بالصور. وتباسقت الكلمات النابعة من بحار القلب العميقة مثلما الدرر. لكنّ عجزي عن ثنائك شلَّ الكلام فخانني التعبير. فبدت كلها زجاجًا مهشّمًا في كثافة ودقك الدافق الكريم. فأنت -كما أنت دائمًا- الجواد الحاني الذي ما ردّ عاشقه، بل أجابه بالسخاء. لك الوديان الطويلة، والروابي الخضراء، والجبال الشاهقة. ولك يمّ كالمحيط من كثبان صفر وحمر لا يعرف سرّها إلا الذين تربوا فوقها. ولك ساحلان على أحدهما عروس، وعلى الآخر ماء العرب. ولك المدائن والقرى، ولك الفخر بأن فيك أمها. ولك المجد بأن فيك مدينة النور والهدى. ما أجمل الأمن في أحضانك. ما أحلى الأمان على صدرك، يا وطن عمّ بالخير، وازدهى بشموخ الإنسان. يا وطني، قد حباك الله المسجدين، فاشتاقت الأرض إليك. وشع فوق ثراك نور الرسالة، فتمناك المؤمنون. ووهبك الله من كنوز الأرض فوق التصوّر، فازددت غنى، وأعطيت بلا منٍّ. ولم تسأل أجرًا، لأن في طبعك النماء، وفي خصالك الحياة. فحسدك الحاقدون ولم ينصفوك. شربوا نميرك وانثنوا لا يشكرون ولا يحمدون. رغم أن الحمد مفطور في شغاف القلوب السليمة الكريمة الخصال. لن يضيرك إنكارهم ولا الجحود، فالحق دومًا مشرق الوجه لا يغيب، ولا يحجبه الضباب. ولن تكسر هامته النصال. والمجد ليس يمحقه مقال من ضلال، مهما علا في نشوته متكبرًا، أو كان في صداه جاذبًا ساحرًا، لأن تركيبتك -يا وطني- من كيان الأرض، والناس، والأبطال، والتاريخ، والبذل السخي. وها أنذا أعيد النداء يا وطني، دمت في الدنيا فريدًا رائع الإنسانية لا تماثله الأوطان. m.mashat@gmail.com
مشاركة :